دعا «مجلس سوريا الديمقراطية» (مسد) إلى تبني عملية سياسية شاملة ونظام حكم يعكس التعددية السورية وضمان مشاركة جميع المكونات، بعد تعيين أحمد الشرع رئيساً للبلاد في المرحلة الانتقالية، وذلك بعد أقل من شهرين على الإطاحة بنظام بشار الأسد. وعلى نحو آخر، أطلقت قوات «قسد» عملية أمنية لملاحقة فلول النظام السابق بريف محافظة دير الزور شرق البلاد، وألقت القبض على عشرات المسلحين المشتبه بضلوعهم في ميليشيات موالية للرئيس المخلوع الأسد.
وفي أول تعليق رسمي على تولي أحمد الشرع رئيساً للمرحلة الانتقالية في سوريا، أعرب «مسد» في بيان نُشر على موقعه الرسمي، (السبت)، عن أن سوريا تمرّ بمنعطف حسّاس بعد سقوط النظام السابق وظهور قوى جديدة على المشهد السياسي، «يستدعي من الجميع موقفاً واضحاً ورؤية استراتيجية لا سيما القوى الديمقراطية، لضمان أن يكون التغيير في مصلحة السوريين بمكوناتهم كافة، وليس مجرد تبديل وجوه أو إعادة إنتاج أنظمة قمعية أخرى».
وقالت رئيسة المجلس، ليلى قره مان، لـ«الشرق الأوسط» إنهم يتابعون هذه التغيّرات من كثب وبحذر شديد، «وندعو لضمان أن تكون عملية التحول السياسي صحية ومعافاة، وتصبّ في مصلحة جميع السوريين، بعيداً عن الإقصاء والتهميش». وشددت على أهمية أن يكون التغيير في دمشق شاملاً «على أن يشمل جميع المكونات السورية، بحيث لا يُعاد إنتاج السياسات الإقصائية نفسها التي أدت إلى اندلاع الصراع السوري في المقام الأول».
تنصيب الشرع
ويعد «مسد»، الجناح السياسي لقوات سوريا الديموقراطية «قسد»، تحالفاً بين فصائل كردية وعربية، عمادها العسكري هو «وحدات حماية الشعب»، المدعومة من تحالف دولي، وتقودها الولايات المتحدة، وتحارب خلايا تنظيم «داعش» في شرق سوريا. ويُشار إلى أن «قسد» و«مسد» لم يشاركا في حفل تنصيب الشرع رئيساً للمرحلة الانتقالية في دمشق نهاية الشهر الماضي، ما يثير تساؤلات حول مدى قدرة حكومة الشرع على تحقيق الاستقرار وبناء دولة مؤسسات، بعيداً عن الفوضى الفصائلية وحصر السلاح في يد الدولة.
وتعليقاً على تنصيب الشرع وموقفها من الحكومة الانتقالية المرتقب تشكيلها، أشارت ليلى قره مان إلى أن أي تحوّل سياسي «يجب أن يضمن تمثيلاً حقيقياً لجميع المكونات، الكرد والعرب والسريان والآشوريين والشركس والأرمن وغيرهم، بحيث يعكس نظام الحكم التعددية السورية، ويضمن المساواة بين الجميع».
وطالبت بأن تكون سوريا المستقبل دولة المواطنة المتساوية لا دولة المحاصصة أو الهيمنة الفئوية والفصائلية، قائلة: «أي حلّ مستدام للأزمة السورية يجب أن ينطلق من إرادة السوريين أنفسهم، وسنعمل مع جميع الأطراف الفاعلة من أجل بناء مستقبل جديد يرتكز على أسس الحرية، والعدالة، والتعددية، وحقوق الإنسان».
«ملاحقة الفلول»
ميدانياً، تواصل قوات «قسد» وقوى الأمن الداخلي في ريف محافظة دير الزور، حملات تمشيط أمنية في عدد من مدن وبلدات الريف الشرقي، تستهدف عناصر النظام السابق الذين رفضوا تسليم السلاح، وألقت القبض على 27 مسلحاً يشتبه في ضلوعهم في هجمات انتقامية ضد قوات «قسد»، بحسب مسؤول عسكري بارز.
وقال المسؤول العسكري، الذي تحفظ على نشر اسمه وصفته العسكرية لحساسية الحملة الأمنية وتوقيتها: «ألقينا القبض على 20 مسلحاً من المتعاملين مع النظام السابق في بلدة غرانيج بريف دير الزور الشرقي، وعثرنا بحوزتهم على أسلحة وذخائر، كما ألقينا القبض على 3 آخرين في بلدة أبو حمام المجاورة». كما شنت قوى الأمن حملات مماثلة في بلدات الريف الشرقي حتى الحدود السورية العراقية شرقاً، واعتقلت 4 مطلوبين كانت بحوزتهم أسلحة وذخائر.
ومنذ الإطاحة بالرئيس بشار الأسد شنت قوى الأمن الداخلي حملات عدة في محافظات الرقة والحسكة ودير الزور، لملاحقة المسلحين الموالين للنظام بهدف ضبط السلاح وحصره وفرض الاستقرار. وشملت الحملات بلدات أبو حمام وهجين والبصيرة في الخط الشرقي لريف دير الزور طالت منازل ومخابئ لفلول النظام المخلوع، وعناصر كانوا منتمين إلى الدفاع الوطني الموالي للرئيس المعزول.
صحيفة الشرق الأوسط اللندنية