استيقظت فجاة الفتنة في مخيم عيم الحلوة المحاذي لمدينة صيدا جنوب لبنان وهو اكبر تجمع للاجئين الفلسطينيين في لبنان واصبح “عين الحلوة” منذ تدمير مخيم اليرموك وتهجير سكانه جنوب دمشق من قبل الجماعات المتطرفة التي استولت عليه اكبر المخيمات الفلسطينية في الشتات. وهذا ما يطرح اكثر من علامة استفهام كبيرة أولها ان كان الدور الان وصل الى مخيم “عين الحلوة” ضمن مسلسل ضرب التجمعات الفلسطينية في الخارج وتدمير امكان تواجدهم لدفعهم للهجرة الى شتات الأرض خدمة لمشروع تصفية حق العودة لصالح إسرائيل. الاشتباكات المتكررة والمفتعلة داخل المخيم عبر السنوات الماضية إضافة الى التضييق على الفلسطينيين في لبنان في سوق العمل ومنعهم من ممارسة الحياة الطبيعية او ترميم منازلهم المتهالكة، فضلا عن تراجع خدمات ” الاونروا ” دفعت الكثير من الفلسطينيين الى الهجرة تباعا، وتقلصت اعداد اللاجئين الفلسطينيين بشكل مضطرد خلال السنوات الماضية.
الاشتباكات الحالية في المخيم والمستمرة منذ الامس هي الأخطر، أولا لانها جاءت مفتعلة بشكل مفضوح ودون مقدمات، وبدأت ليلة امس بمحاولة مزعومة لاغتيال القيادي في “عصبة الأنصار” حيث اعلن انه أصيب بطلق ناري في القدم بعد إطلاق النار عليه في منطقة مفرق السوق، في مخيم عين الحلوة. الصقت التهمة بعنصر من حركة فتح ملقب “بالصومالي”.
ليستيقظ سكان المخيم على اشتباكات عنيفة بعد خبر اغتيال العميد في حركة فتح “اشرف العرموشي” وثلاثة من مرافقيه. الاشتباكات امتدت الى خارج المخيم، بعض القذائف استهدفت الجيش اللبناني المحيط بالمخيم، وقالت مصادر ان احد افراد الجيش أصيب. ما دفع الجيش اللبناني الى فرض حصار مشدد على المخيم ومنع الدخول والخروج اليه. وقد فشلت محاولة لوقف النار كانت مقررة في الساعة السادسة من مساء اليوم، وبدلا من توقف القتال اشتدت حدة المعارك ولم يلتزم المتقاتلون بالاتفاق حتى ساعة كتابة هذه السطور.
سكان المخيم يعيشون منذ يوم امس حالة ذعر وظروف مأساوية في ظل تمدد الاشتباكات داخل احياء المخيم، عمليات النزوح بدأت وخرجت عدد من العائلات باتجاه المناطق المجاورة، وأعلنت وكالة غوث وتشغيل اللاجئين “اونروا” تعليق جميع عملياتها في المخيم.
التساؤل الملح في هذه اللحظة هو لماذا اندلعت هذه الاشتباكات ولماذا تم افتعالها في هذه الظروف التي تعيشها لبنان والقضية الفلسطينية والتصعيد القائم على الجبهة الجنوبية مع إسرائيل في ظل استنفار للجيش الإسرائيلي وتهديد قادة الاحتلال لبنان باعادته الى العصر الحجري. وكانت القناة 12 العبرية أفادت ان ممثلو الجيش الإسرائيلي سوف يبلغون المستوى السياسي في اجتماع التقييم الأمني الذي عقد اليوم الاحد ان فرص الحرب في الشمال في الفترة الحالية هي الأعلى منذ عام 2006 وسيتم طرح تقديرات بان نصر الله قد يتصرف بشكل اكثر عدوانية لاستفزاز الجيش والمستوى السياسي مستفيدا من الانقسام الداخلي في إسرائيل. من هنا تأتي الشكوك لدى اكثر من طرف فلسطيني ولبناني حول توقيت افتعال اشتباك في مخيم “عين الحلوة” والذي أدى في ساعته الأولى الى قطع طريق الجنوب من بيروت نحو الحدود الجنوبية مع فلسطين المحتلة أي قطع خط امداد المقاومة. عدا ان أي ارباك عسكري في الجنوب سوف تستفيد منه إسرائيل وهي تحشد قواتها على الحدود اللبنانية.
رئيس الحكومة اللبنانية نجيب ميقاتي والذي أشار في تعليق على احداث المخيم الى ان التوقيت مشبوه طالبا من الجيش التدخل. بعض القذائف التي طالت الجيش اللبناني بشكل متعمد تؤشر الى محاولة طرف ما جر الجيش اللبناني الى المعركة، واضطرار الجيش امام استهدافه الى تكرار سيناريو مخيم نهر البارد في الشمال عام 2007 والدخول الى المخيم بالقوة، مع كل تبعات ذلك امنيا وعسكريا وانسانيا. وقد تلقى الجيش اللبناني امرا من قيادته بالرد على مصادر النيران حال استهدافه.
احداث المخيم الدامية “وصل عدد القتلى وفق حصيلة غير نهائية الى 6 اشخاص” تتزامنت مع مؤتمر الحوار الفلسطيني بالقاهرة بين فتح وحماس وفصائل أخرى مشاركة من اجل انهاء الانقسام، وجاءت بعد زيارة غير مسبوقة لمدير المخابرات الفلسطينية ” ماجد فرج الى بيروت.
صحيفة رأي اليوم الألكترونية