مذكراتي في الإعلام السوري : صديقتي المحامية خافت من نشر مذكراتي!
مذكراتي في الإعلام السوري : صديقتي المحامية خافت من نشر مذكراتي! … لا أعرف ما الذي دفعني لاستشارة محامية صديقة أحترم رأيها بموضوع نشر مذكرات أكتبها عن الإعلام السوري، فما أنهيت المادة الأولى للنشر ، حتى أرسلتها إليها عبر المسنجر لاستشارتها، وكان الرد سلبياً : لا ، لا تنشرها !
سألتها هل هو الخوف ؟ وقلت لها : لا تخافي من الخوف !
ثم قررتُ أن أتريث قليلاً ، وأتعامل مع المسألة بطريقة أخرى، لأن نشر المذكرات قرارٌ غير عادي في حياتنا، حتى للأشخاص العاديين مثلي، وينبغي أن يترك أثراً ما في نفوس من يقرأها .
ولكي أوضح بعض المعطيات، فالأسماء التي ترد في مذكراتي حقيقية بدءاً من وزير الإعلام الراحل أحمد اسكندر أحمد، الذي تعاملت معه لفترة قصيرة قبل وفاته، ووصولاً إلى الوزير الحالي الصحفي عماد سارة، والوقائع التي ترد فيها تمس المهنة ولا تمس الأشخاص، وإذا كانت تمس المهنة فمن جهة الأداء الذي يضر بالإعلام، لكن الخوف خوف، وأنا لا أخاف من الحقيقة ولكني أخاف من التصيّد بها .
يحق لي أن أكتب مذكراتي، فأنا أمضيت نحو أربعين عاماً في الإعلام، وعملت في الإعلام المكتوب والمسموع والمرئي، وهذا شرف لي، لكن صراحتي أنني ، وكما قال لنا وزير الإعلام الأسبق الأستاذ محمد سلمان (أنتم موظفون، ولستم صحفيين!)، لم أقبل أن أكون موظفاً، وهذا ما جعلني منذ سمعت تلك العبارة منه أعمل بطريقة مغايرة ، لذلك دفعت أثماناً كبيرة ، وخاصة عندما تمسكت بوطني، ورفضت فكرة الهجرة ، فهنا الوطن، وينبغي أن نكون فيه ونعمل من أجله..
والمذكرات التي أكتبها، لا تهدف إلى حصر المسألة في الوزراء أو المدراء العامين أو في الأشخاص، وإنما إلى تحليل العملية الإعلامية والوقائع التي تجري من خلالها، وهذا لم يحصل إلاّ نادراً في الحقبة الأخيرة.
من المفيد هنا ، التأكيد على أن بعض المحطات التي تحدثت عنها في بعض مقالات نشرتها كبكاء الصحفي الكبير الدكتور غسان الرفاعي هي جزء من هذه المعطيات، وبالتالي، فأنا نشرت مقالاتي تلك دون خوف، ولم أساءل على ذلك بل لاقيت احتراماً لرأيي من قبل شخصيات هامة .
تبرز مهنة (الصحافة) كعمل حضاري وطني ينبغي التعامل معه بحضارة ووطنية، وإذا كان ثمة نظرية في التحليل السياسي تقول (لا يوجد صحافة حرة في العالم)، فأنا لم أكن أتمنى أبدا أن أغني في طاحونة المواويل المزاجية، وإلا ما أجريت أطول حوارات مع كبار الشخصيات السياسية الإشكالية في بلدي، لأنني فهمت حريتي على أساس مسؤوليتي عما أكتب من جهة مضمونه ورسالته .
في روايتي (حكايات حارة المؤيد) تسأل فتاة صاحب المكتبة عن الصحف التي عنده لتشتري وحدة منها، فيسرد لنا أسماء عدد كبير من الصحف المحلية مختلفة الاتجاهات، ويمكن الرجوع إلى صور فترة الستينات لملاحظة ذلك، أما الآن فوصلنا إلى صحافة غير ورقية بحجة كورونا، تكتفي بنشر مواد قليلة في المواقع، وعدد القراء لا يصل إلى عشرة ، وعلى سيرة الصحافة نشرت ثلاثة كتب عن تاريخ التلفزيون والدراما السورية، فلم ينشر التلفزيون ولو خبراً عن تلك الكتب، وكأنني أكتب عن تلفزيون السودان.
سأتابع كتابة مذكراتي، وسأنشرها تباعاً بطريقة جديدة، رغم خوف المحامية الصديقة عليّ ، أما مسألة الخوف، فأنا أثق أنه لا داعي للخوف عند من يشتغل الصحفي ووطنه في ضميره، إلا إذا كان ذلك عيباً ، وأنا لا أراه كذلك!