مركز أبحاث الأمن القوميّ الإسرائيليّ: الخلاف بين السعوديّة والإمارات باليمن يُهدِّد مصالح تل أبيب وواشنطن بالخليج ويُصعِّب مُواجهة إيران..الحوثيون أثبتوا “السعوديّة نمرٌ من ورقٍ”

 

تُواكِب إسرائيل وتُتابِع بشكلٍ مُكثّفٍ ما يجري في الخليج العربيّ، وتحديدًا ما يجري في اليمن وفي الصراع الأمريكيّ-الإيرانيّ في الخليج، لأنّ أركانها على قناعةٍ تامّةٍ بأنّ ارتدادات الأحداث هناك تُلقي بظلالها السلبيّة والإيجابيّة على كيان الاحتلال، خصوصًا وأنّه في الفترة الأخيرة شهد التطبيع بين عددٍ من دول الخليج طفرةً نوعيّةً كبيرةً، بعد أنْ تمكّنت إسرائيل من إزالة “حجر العثرة” عن الطاولة، أيْ القضيّة الفلسطينيّة، والآن ما يقُضّ مضاجِع صُنّاع القرار في كيان الاحتلال هو التقدير الذي أصدره مركز أبحاث الأمن القوميّ، التابِع لجماعة تل أبيب، والذي أكّد فيه على أنّ الخلاف بين المملكة العربيّة السعوديّة وبين الإمارات العربيّة المُتحدّة يُهدِّد مصالح دولة الاحتلال.

وحذرت ورقة تقدير الموقف التي صدرت عن “مركز أبحاث الأمن القوميّ الإسرائيليّ” من أنّ الخلاف السعودي الإماراتي بشأن اليمن سيمس بمصالح كلٍّ من الدولة العبريّة والولايات المتحدّة الأمريكيّة، مُشيرةً في الوقت عينه إلى أنّ الخلاف السعودي الإماراتي يمسّ بالجهود الهادفة لمواجهة إيران في المنطقة، على حدّ تعبير ورقة تقدير الموقف، علمًا أنّ مركز أبحاث الأمن القوميّ بتل أبيب هو من أهّم مراكز الأبحاث بالكيان، إنْ لم يكُن الأهّم، وصُنّاع القرار يطّلعون على أبحاثه وتقاريره الدوريّة.

ولفتت الورقة، التي قام بإعدادها كلٍّ من يوئيل جوزنسكي، مدير قسم دراسات الخليج في المركز، والباحثين عنبال لفطون وآري هيستين، إلى أنّ تفكك التحالف السعوديّ الإماراتيّ في اليمن يُمكِن أنْ يُساهِم في تمكين الحوثيين من العمل بحُريّةٍ ضد حركة الملاحة البحريّة في البحر الأحمر، ما يزيد من فرص المسّ بالمصالح الإسرائيليّة والأمريكيّة على حدٍّ سواء.

عُلاوة على ذلك، شدّدّت الورقة على أنّ الإمارات تعمل جاهدةً من أجل ضمان انفصال جنوب اليمن خدمةً لمصالحها الاقتصاديّة والإستراتيجيّة، وبشكلٍ خاصٍّ سعي أبو ظبي للاستفادة من موانئ جنوب اليمن في تعزيز قدرة موانئها التنافسيّة، إلى جانب توظيفها في الوصول إلى أسواقٍ أفريقيّةٍ، على حدّ قول البحث الإسرائيليّ.

ووفقًا للدراسة، فإنّ التأثير الطاغي على جنوب اليمن بعد انفصاله يمنح الإمارات القدرة على إدارةٍ سياسةٍ خارجيّةٍ لا تأخذ بعين الاعتبار تداعيات الصراع بين السعودية وإيران، مُوضحةً أنّ الإمارات حرصت بشكلٍ خاصٍّ على توفير الدعم العسكري واللوجيستي والمالي لمليشيات الحزام الأمنيّ، التابعة للمجلس الانتقاليّ، الذي يُطالِب بانفصال جنوب اليمن عن شماله، وتابع البحث الإسرائيليّ قائلاً إنّ الإمارات لا تعتمِد فقط في خدمة مصالحها على الانفصاليين، الذين يمثلهم المجلس الانتقاليّ وتشكيلات الحزام الأمنيّ، بل أيضًا على مرتزقةٍ من الصومال وكولومبيا.

وفي المقابل، أشارت الدراسة إلى أنّه ليس من مصلحة السعودية انفصال الجنوب، على اعتبار أنّ هذا الواقع يعني انفراد أنصار الله (الحوثيين) بالسيطرة على الشمال، الأمر الذي يُعزِّز من قدرة إيران على مواصلة التأثير على الواقع الأمنيّ والاستراتيجيّ في المنطقة، وتحديدًا في السعودية، لافتةً في الوقت عينه إلى أنّ مُواصلة الحوثيين استهداف العمق السعوديّ بالصواريخ والطائرات المُسيرّ يُدلِّل على أنّ المخاطر على أمن المملكة السعوديّة واستقرارها سيتعاظمان في حال استتب حكمهم، أيْ الحوثيين.

كما أوضح معدو الدراسة أنّ السعودية لم يعد لديها الكثير من روافع الضغط التي يُمكِن أنْ تستخدمها في مواجهة الحوثيين، مشيرين إلى أنّ السعودية التي تُحاوِل النزول من على السلم، يُمكِن أنْ تُبدي مُرونةً وتوافقًا على بدء مفاوضات مع الحوثيين، وأكد الباحثون على أنّ “أنصار الله” باتوا يستمدّون الدعم من تفكِّك التحالف العربيّ، إلى جانب أنّهم عمدوا إلى تعزيز علاقتهم بإيران ومنحها بُعدًا سياسيًا علنيًا عبر تعيين سفير لهم في طهران، على حدّ قولهم.

مُضافًا إلى ذلك، أشارت الدراسة إلى أنّ ما يزيد حرج ولي العهد السعوديّ محمد بن سلمان هو أنّ الحوثيين أثبتوا أنّ السعودية “نمر من ورق”، مشيرين إلى أنّ الأزمة الإنسانية في اليمن فاقمت المأزق السعوديّ على الصعيد الدوليّ، مُوضحةً أنّه على الرغم من أنّ كلاً من السعودية والإمارات تُحاوِلان التصرّف وكأنّه لا يوجد ثمة خلاف بينهما، إلّا أنّهما تتبنيان مواقف متباينة بشأن مستقبل اليمن.

وشدّدّت الورقة البحثيّة الإسرائيليّة على أنّه من المُبكِّر لأوانه الحكم على مستقبل العلاقة بين محمد بن سلمان وولي العهد الإماراتي محمد بن زايد، مشيرةً إلى أنّه من الصعب معرفة ما إذا كان هذا الخلاف سيبقى فقط في إطار الموقف من الأوضاع في اليمن، أوْ أنّه مرشح لأنْ ينتقل إلى قضايا أخرى، مُختتمةَ بأنّ هناك ما يدفع للافتراض بأنّ التحدّيات المُشتركة تفرِض على كلٍّ من السعودية والإمارات مواصلة العمل سويّة، على حدّ تعبير دراسة مركز أبحاث الأمن القوميّ الإسرائيليّ.

صحيفة رأي اليوم الألكترونية

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى