مروان صواف الذي هاجر ، ولا يريد أن يموت !
مروان صواف الذي هاجر ، ولا يريد أن يموت !….جميل أن ينفي الإنسان خبرَ موته، فهو على الأقل يمكنه اكتشاف ردود الفعل على حدث يتعلق بنهاية حياته وسوف لن يعرف انطباع الناس فيه عندما يحصل، لا سمح الله، ومروان صواف عاش هذه الحالة قبل أيام ..
قرأ مروان صواف عبارات الرثاء والإطراء التي قيلت فيه، وقرأ أيضاً تدبيج الأخبار والتقارير التي نشرت عنه (بعد وفاته الكاذبة) كإعلامي عربي مشهور، كسر حدة الجمود في الصحافة السورية، فقدم نموذجا يعتبر مدرسة في الإعلام المرئي السوري، فأسر المشاهدين بما قدّمه عبر الشاشة الصغيرة في الفن والثقافة والأدب، وصار قامة من قامات سورية.
قبل أن أكتب عن (وفاته)، أرسلت له رسالة أسأله فيها عن الحقيقة، وقلت إنه إذا كان على قيد الحياة سيرد، وإذا حدث القضاء سأجلس وحيداً لأتمعن بتفاصيل مسار الإعلام السوري وحاله هذه الأيام، فجاء تصريحه أنه حي، ليكسر عين أولئك المشاغبين في وسائل التواصل الذين لم يجدوا غير الموت لإشغال صفحاتنا بأخبار غير صحيحة عن معارفنا وأحبائنا!
كما يقول العامة :
“انكتب لك عمر جديد يا أستاذ مروان”
وأنا كصحفي معجب بك ، وأعتبر نفسي صديقاً لك وللسيدة ابتسام الأمين زوجتك المحترمة، من حقي أن أسألك : ما الذي ستفعله بهذا الحيّز من العمر الجديد الذي منحه الله لك ؟!
السؤال يبدو غريباً، أتعرف لماذا ؟
لأننا في حقيقة الأمر نموت ألف مرة في اليوم، ولا يرثينا أحد، ولذلك أسألك ماذا ستفعل؟ هل ستكتب نصوصاً جديدة وتنشرها في غربتك، في صحيفة الأيام الكندية، كتلك التي نشرتها مؤخراً تحت عنوان : يا قاتل الروح..وين تروح؟
هل ستبحث عن فرصة تلفزيونية جديدة تطل فيه من وراء البحار لنشاهدك كما كنا نشاهد القمر عندما يغني؟!
أو ربما ستعود إلى دمشق، وتمشي في شوارعها كما كنت تفعل أيام زمان والناس يشيرون نحوك بأصابعهم : هذا هو مروان صواف! هذه المرة ستشير أنت بإصبعك إلى السوريين وتسأل : هل هذا ما حصل للسوري فعلاً؟!
إذا عدّت إلى دمشق ، سأطلب منك رفقة ساعة، وأحكي لك عن حقائق موتنا اليومي، فالسوريون الموجودون في سورية هم فعلاً أحد نماذج المعاناة في العالم، وستكتشف سريعاً أن كل العلم بخير إذا ما قورنوا بالسوريين!
إذا عدت إلى دمشق، سأدعوك إلى برنامجي ، وسأطلب منك أن تتذكر كيف خرجت على شاشة التلفزيون لتعزف على البيانو وأنت تشق دربك في عالم الشهرة، وسأنصتُ جيداً إلى عزفك، فهل سيكون عزفاً حزيناً ، أم سيكون عزفاً يرسم ومضة أمل في حياتنا ؟!
“انكتب لك عمر جديد يا أستاذ مروان”
وربما أقول لك ، أننا كل يوم يكتب لنا موت جديد ..
وسنبقى لأن سورية ستبقى، وستظل دمشق قادرة على تقديم أسماء رائعة كنزار قباني وغادة السمان وكوليت خوري وعادل خياطة وعادل أبو شنب و .. مروان صواف !
الحمد لله ع السلامة !