
ممثلان على الخشبة هما (عهد ديب ورائد مشرف)، يلعبان دورين هامين من واقع الحياة الاجتماعية : زوج وزوجته، في بيت متواضع من بيئة شعبية، يستعدان لاحتفالية بسيطة في عيد زواجهما الخامس.
الاحتفالية لم تكتمل لأن أحداً لم يأت من المدعويين، لذلك تحول عيد زواجهما إلى نوع من العتاب ثم الاشتباك مع تهديدات مستمرة بالطلاق، وخلال ذلك تظهر الهموم مع تداعيات الحياة اليومية، وهي تداعيات تتكرر بينهما سنويا في هذه المناسبة .
مسرحية (الليلة الأخيرة ليست آخر الحب) كتبها المخرج المسرحي جوان جان، في محاولة منه ليدخل إلى جوهر الحياة ومصير الحياة الزوجية في واقعنا الحالي ، ويفتح المجال على المؤسسة الأخطر في المجتمع وهي (الحياة الزوجية) وتسليط الضوء على ما يهددها.
فالزواج في عالم واقعي صعب نعيشه يذهب نحو غربة الروح، وهذا يؤكده واقع الناس الذين يبوحون بما يجري في حياتهم، لذلك كشف جوان جان عن ذلك ببساطة، فنجح كما لمسنا من الحوارات القصيرة بين الحضور بعد العرض.
أشارت هذه الحوارات إلى أن كل واحد من المتزوجين وجد نفسه على الخشبة، وهذا المعطى رغم طرافته يثير إلى العلاقة الوطيدة بين النص والحياة ومن ثم نجاح المسرحية في الدخول إلى الحياة الزوجية الفعلية .
وعلى مستوى آخر، هناك معادلة الحب والواقع ، فهل الحب قادر على تأسيس أسرة وإنجاحها أمام مصاعب الحياة، وأيهما يمد الآخر بالاستمرار، والجواب كان أمامنا على الخشبة فالصراع بين الزوج والزوجة يتوقف في كل محطة عند الحب، فإذا به يهزم الرغبة في الفراق التي كان الطرفان يهددان بها .
ومؤسسة الزواج في هذه الحالة في خطر إذا لم ينقذها الحب، وفي تفاصيل هذه الحياة الزوجية أنها قامت على الحب والوعود، فالزوجة موهوبة في كتابة السيناريو، تسعى إلى فرصة تأخذ بيدها إلى الشهرة، والزوج قدم وعودا تتضمن الأخذ بيدها لتحقيق هذا الحلم ، وفي مسيرة الحياة تشتكي من أنه لم يقف بجانبها، وأنه كان يخشى من نجاحها وشهرتها وتحت سطور الحوار رسالة حول تردد الرجل في تفوق الأنثى عليه..
الموضوع هام ، لكن كيف قدمت المسرحية على الخشبة ؟!
الطاولة تتوسط الخشبة، والديكور ضعيف مرهون على مايبدو للتكاليف كعادة المسرح السوري، والإضاءة ساعدت قليلاً في تجاوز وهن الديكور وعدم انسجام الحركة على الخشبة في مواكبة الإيقاع والمحطات التي توقفت عندها المسرحية.
أما التمثيل، فالفنان (رائد مشرف) فنان جيد لكنه قدم شخصيته بصوت عالٍ، وعهد ديب فنانة موهوبة قدمت شخصيتها بصوت ضعيف، وهذا خلق تناقضا فجاً، ليس لأن أحدهما رجلاً والآخر امرأة بل لأن التناقض في درجة ارتفاع الصوت بدا وكأنه محاولة الممثل السيطرة على الخشبة، من دون الانتباه إلى أثر ذلك على المعنى.
ومع ذلك نجح المخرج رائد مشرف في إمتاعنا في تقديم هذه الحالة الواقعية ، ولذلك يمكن ملاحظة أنه حمل عبء الإخراج والتمثيل بمسؤولية الظروف والامكانات…
كل ذلك تفاصيل مهنية، لكن الشكر ضروري لطاقم العمل في النص والإخراج والتمثيل والإضاءة ، على الأقل لأنها المسرحية الأولى التي يقدمها المسرح بعد سقوط النظام ..
بوابة الشرق الأوسط الجديدة