خاص
لاقى مسلسل (الثمن) ذو النسخة العربية إقبالا كبيرا في سوق المشاهدة الدرامية التي تحفل به منصات المشاهدة والشاشات العربية ، رغم وجود نسخة تركية سبقته في العرض، والمسلسل الذي كتبه دانيال حبيب وأخرجه فكرت قاضي،يقدم نموذجا جديدا من الدراما المسلسلة الطويلة التي تسعى إلى سد فراغ الاستهلاك الدرامي الواسع ، وبغض النظر عن الآراء التي كتبت عنه، فهو لايخرج أبدا عن موجة الأعمال التي تغزو المشاهد العربي، وتحمل رسائل غير مرضي عنها في سوق الفن الذي يروج لأخلاق عصر جديد ترتسم ملامحه في العالم ، لكن الثمن له مايميزه.
وإذا كان المفتاح الدرامي الذي بدأ فيه المسلسل لايبتعد كثيرا عن ثيمة الأفلام العربية والمكسيكية القديمة، إلا أنه أسس لترويج رسائل تتعلق بالوفاء والحب والسعي للنجاح، فقد بدأ بتضحية أم بشرفها لليلة واحدة لإنقاذ ابنها من الموت المحتم بالسرطان، لكن هذا (الثمن) مالبث أن راكم حكاية طويلة يمكن اختصارها بأنها قصة حب نشأت بين هذه الأم ورجل الأعمال الذي دفع لها 200 ألف دولار لليلة واحدة.
وقد حشدت الشركة المنتجة مجموعة كبيرة من النجوم، السوريين واللبنانيين، من أهمهم باسل خياط الذي يؤدي دور رجل الأعمال “زين”، ونيقولا معوض الذي يلعب دور “كرم” صديق “زين” المقرّب، ورزان جمال التي تلعب دور شخصية “سارة” الأم إضافة إلى سارة أبي كنعان وصباح الجزائري ورفيق علي أحمد ورندة كعدي .
والغريب أن هذا الحشد من الممثلين لم يلغ المنافسة في الأداء بين النجوم، بحيث تمكن نيقولا معوض من تقديم شخصية أكثر قوة من الشخصية التي لعبها باسل خياط نجم الدراما العربية المحبوب.
ومن الثيمات التي حملها المسلسل في طيات الأحداث المتسارعة البحث عن الايجابي في روح الإنسان، والتأكيد على أن الخير والشر هما في صراع دائم، لكن الانتصار في النهاية هو للخير. وفيه ثيمات أخرى من بينها الوفاء ، وإصلاح النفس، والبحث عن الخير فيها حتى بالنسبة للشخصيات الشريرة.
وكانت البداية في الفعل الدرامي (معالجة سرطان الطفل) مربوطة بنهاية العمل الميلودرامية (وفاة كرم بسرطان البنكرياس) ووصيته بإحداث جمعية لمعالجة السرطان بأرباح شركته التي أوصى بها للطفل.
هذه الرسائل الإيجابية حمت المسلسل من كونه جرعة جديدة من الأعمال التي تغزو المشاهد وهي تحمل عولمة الأخلاق والتقاليد ، لذلك تابعها المشاهد دون أدنى احتجاجات تذكر في التلفزيونات التي عرض فيها. فكانت الشخصيات تعيش في تفاصيل الأحداث، مدروسة بطبائعها ومآلاتها بحيث يصعب إيجاد تناقض ملموس في فن كتابة النماذج النمطية إلا أن الخطوط الدرامية كانت تتجمع رغم تعقيداتها أحيانا لتصنع (نهاية سعيدة) تريح المشاهد من موجات الانفعال التي سببتها وقائع الحلقات التي وصلت إلى تسع وثمانين حلقة .
والنهايات السعيدة عادة ما تضطر الكاتب إلى الفبركة والمباشرة، وقد وقع فيها كاتب المسلسل فعلا في الحلقات الأخيرة ، ولم يكن مضطرا إليها، كما كان يمكن حذف كل وقائع القمار التي رافقت الحلقتين الأخيرتين التي لم تخدم النص، ولم تقدم مبرراتها المقنعة ولا وصلت إلى نتائجها المفترض أن تترك آثارا وانفعالات صاخبة عليها، بل على العكس مرت مرور الكرام، رغم أن تفاصيل أصغر منها بكثير لاقت ردود أفعال كبرى من الشخصيات .
وفي النقطة الأخيرة ، يمكن القول إن التشاركية (السورية اللبنانية) في صناعة الدراما تستمر في شق طريقها ، فتدخل السوق بقوة، وتحقق أعلى نسبة مشاهدة في الوطن العربي..
بوابة الشرق الأوسط الجديدة