معالي زايد.. رحيل ممثلة الأدوار الصعبة
لم يمهلها المرض طويلا. هي أيام قليلة ما بين دخولها إلى المستشفى («مستشفى المعادي العسكري») وبين رحيلها مساء أمس عن عمر يناهز 61 عاماً، بعد تدهور حالتها الصحية، إذ انتشر المرض بسرعة في الكبد والرئة. معالي زايد تغادر عن حوالي ثمانين فيلماً سينمائياً، وستين مسلسلاً تلفزيونياً، بالإضافة إلى ست مسرحيات، ما دفعها إلى أن تكون في طليعة بنات جيلها اللواتي عرفن حضوراً كبيراً، منذ بداية ثمانينيات القرن المنصرم.
برحيلها تفقد السينما المصرية والعربية واحدة من الفنانات اللواتي تميزن بأداء الأدوار الصعبة ما جعل لها بصمة أكيدة في السينما المصرية، كذلك عُرف عنها تنوع الأدوار التي كانت تنتقيها، وإن لم تكن كلّها بسوية واحدة، إذ تجدها أحياناً في دور لا يمكن إلا أن تحييها عليه، وأحياناً في أدوار تتساءل عن معناها. لكن بالتأكيد ليس ذلك أزمتها وحدها، بل ربما «أزمة» سينما مصرية، كانت تقدم أفلاماً، في فترات، تنحو إلى ابتذال ما.. لكن ومع كل هذه «الأزمات»، لا يمكن تخطي هذه السينما التي أعطت روائع لا يمكن تجاهلها.
ولدت معالي زايد (واسمها الحقيقي معالي عبد الله المنياوي) في القاهرة يوم 13 أيار 1953. تخرجت من «كلية الفنون الجميلة» عام 1975، وحصلت على بكالوريوس من «المعهد العالي للسينما». وهي تنحدر من أسرة فنية، فوالدتها الفنانة «آمال زايد»، وخالتها الفنانة «جمالات زايد». من هنا، ليس من المستغرب أن تنشأ على حبّ الفن الذي عاشته منذ طفولتها المغلفة بهذا الجو الفني المليء بالإبداع والبهجة، لتهوى التمثيل باكراً. وهذا ما حدث سريعاً، إذ جاء دورها الأول وهي في الثالثة والعشرين من العمر حين قدمها المخرج الراحل نور الدمرداش، للمرة الأولى، على الشاشة الصغيرة في مسلسل «الليلة الموعودة». ونظراً للفتها الأنظار إليها، جاءتها السينما بسرعة (أول ظهور سينمائي لها كان في فيلم «وضاع العمر يا ولدي»)، لتـــقدم فيها العديد من الأدوار المتميزة التي أثبتت من خلالها امتلاكها لموهبة فنـــية حقيقية ولمقومات الفـنانة التي تجيد تشخـــيص الأدوار الصعبة والمعقـــدة، ما سمح لهــا العــام 1987 أن تحوز جــائزة أحـسن ممثله عن دورها في فيلم «السادة الرجال».
عديدة هي الأفلام التي لعبت بها، لكن من أبرزها «الشقة من حق الزوجة» و«سيداتي آنساتي»، و«السادة الرجال» و«الصرخة» و«السكاكيني». أما من أعمالها التلفزيونية المميزة فنجد: «دموع في عيون وقحة، و«رجل فوق الأمواج»، و«الثلاثية»، و«شفيقة ومتولي»، و«الحاوي»، و«حضرة المتهم أبي»، و«امرأة من الصعيد الجواني»، و«ابن الأرندلي» و«الوتر المشدود» و«الدم والنار».
إلى جانب التـمثيل يُعد فن رسم «البورتريه» أحـد أبرز هـوايات الفنانـة الراحلـة، حيـث أقـامت عدة معارض تشكيـلية، أولها بعنوان «الوجـه الآخـر» الـذي استعرضت من خلالـه مجموعـة مـن أعمالهـا الفنيـة.
حصلت زايد، في مسيرتها الفنية، على العديد من الجوائز والتكريمات: منها جائزة أفضل ممثلة في «مهرجان القــاهرة الحادي عشر للإذاعة والتــلفزيون» عن دور آمنة في مسلسل «الدم والنار» (2005)، و«جــائزة الإبداع» في مسابقات الإذاعة (2007)، و«جــائــزة أفضل ممثلة» (1983) عن مسلسل دموع «فـي عيـون وقحة»، بالإضـافة إلى تكريمها في مهرجان المــركز الكاثوليــكي للسينما المصرية عام (2007). أما آخر أعــمالها فكان مسلسل «موجة حارة» وعرض في شهر رمضان عام 2013.
صحيفة السفير اللبنانية