معهد بيغن السادات: إسرائيل ممنوعة من العمل على إبقاء الأسد لأنّ المتطلبات الإستراتيجيّة تُستكمل بحتمياتٍ أخلاقيةٍ وإيران الرابح الأكبر

رأت دراسة جديدة صادرة عن مركز بيغن-السادات للدراسات الإستراتيجيّة أنّ سوريّة المُتورطّة في حربٍ أهليّةٍ لديها طاقة أقل وأقّل وسيلة لإيذاء إسرائيل من سوريّة القوية، مُشيرةً إلى أنّ الدولة السوريّة المختلّة التي مزقتها الحرب الأهليّة ليست نتيجة للمكائد الإسرائيليّة، وإنمّا هي تطور استراتيجيّ إيجابيّ من وجهة نظر إسرائيلية.
وبحسبها، فإنّ ما تبقى من الجيش السوريّ مشغول بحماية النظام ومحاولة توسيع الأراضي التي يحملها، وهو ليس قادرًا على تحدّي الجيش الإسرائيليّ في حربٍ تقليديّةٍ، وسوف يستغرق سنوات لبناء آلة عسكرية خطيرة. كما أنّ سوريّة اليوم، شدّدّت الدراسة التي أعدّها البروفيسور إفرايم عنباري، ليست قادرةً على شنّ حملة دبلوماسية و/أوْ عسكرية فعالّة تهدف إلى إعادة الجولان الذي يشكل حدودًا يُمكن لإسرائيل الدفاع عنها في الشمال .
وأوضحت أنّه قبل كل شيء، بقاء نظام الأسد هو انتصار لإيران، المصدر الرئيسيّ للمشاكل في الشرق الأوسط وعدو إسرائيل، وستقوم الدولة السورية المستعادة، تحت قيادة الأسد، بتأمين الممر الشيعيّ إلى البحر الأبيض المتوسط. ومن غير الواضح أنّه حتى الروس الذين يدعمون الأسد، يضعون هذا الهدف في الاعتبار. وجزمت إنّ الوجود الإيرانيّ على طول الحدود الشمالية لإسرائيل أكثر تهديدًا من الميليشيات السنية المتحاربة، على حدّ تعبيرها.
وتابعت الدراسة قائلةً إنّ الحد من تحليل العلاقة بين إسرائيل وسوريّة بين فترة ما بعد عام 1974 وساحة الجولان هو خلل منهجيّ، لافتةً إلى أنّ الأسد الأب، وهو دكتاتور قويّ، هاجم إسرائيل في عام 1973 وأرسل قواته الجويّة لتحدّي إسرائيل في عام 1982. وقد أبقى الحدود على هضبة الجولان مع إسرائيل هادئة بعد عام 1974، ولكنّه بموازاة ذلك، دعم الميليشيات الفلسطينية واللبنانية لكي يُبقي إسرائيل تنزف من الجنوب اللبنانيّ.
ولفتت الدراسة إلى أنّه من الواضح أنّ التفوق العسكريّ الإسرائيليّ هو العامل الرئيسيّ في ضمان الهدوء على طول الحدود مع سوريّة. وعلاوة على ذلك، ليس من الواضح أن السياسات التي اتبعت في الفترة 1974-2011 ستستمر إذا استعاد الأسد بلاده. إن الاستقراء حول المستقبل يُعتبر مشكلةً عويصةً جدًا، وتحديدًا في منطقة الشرق الأوسط .
وحتى الآن، تابعت الدراسة، فإنّ الردع الإسرائيليّ، وهو مفهوم غير واضح إلى حدٍّ ما، يعمل على مرتفعات الجولان. وقد تطلب، كما هو متوقع، استخدام القوة في بعض الأحيان. وكانت محاولات حزب الله وإيران لإقامة قاعدة عملياتية على الجانب السوريّ من هضبة الجولان قد قصفت في مهدها بالقوة. وهذا يدل على أنّه حتى في حالة السيطرة السوريّة الجزئيّة، يُمكن لإسرائيل تحقيق الهدوء. ومع ذلك، استدركت الدراسة، لا تزال إسرائيل تخشى أنّه في حالة العودة الكاملة للجانب السوري من الجولان إلى الأسد، ستتاح لإيران فرصة لإقامة موطئ قدم هناك.
وبحسبها، للأزمة السورية أيضًا تداعيات دولية لا تستطيع إسرائيل تجاهلها، وقد دعم الروس بنشاط نظام الأسد، بينما امتنعت إدارة أوباما عن التدخل. أمّا ترامب فقد استخدم القوّة لمعاقبة الاستخدام السوريّ للأسلحة الكيميائيّة، مُوضحةً أنّه في غياب تفاهمٍ أمريكيٍّ روسيٍّ، يبدو الأسد في قائمة الأشرار في واشنطن.
وبرأي الدراسة، فإنّه إذا فاز الأسد بالحرب الأهلية وأنشأ نظامًا مستقرًا، ليس لدينا ما يدعو إلى توقع النوايا الحسنة تجاه إسرائيل. إنّ ميله للخطاب المناهض لإسرائيل معروف جيدًا، وسيستمر نظام التعليم السوريّ الذي أعيد بناؤه في نشر الكراهيّة للدولة اليهوديّة.
كما أنّ التحالف مع النظام الإسلامي في طهران (منذ عام 1979) يدعم التوجه المناهض لإسرائيل الذي قد يتحوّل في ظلّ ظروفٍ معينةٍ إلى تدابير فعالّة. وتابعت: لقد طورّت سوريّة قدرةً محليّةً على إنتاج أسلحةٍ كيميائيّةٍ، وأظهر الأسد أنّه ليس لديه أي أخلاق أخلاقية بشأن استخدام هذه الأسلحة ضدّ خصومه، ومن الجدير بالذكر أن للأسد الابن، توجد طموحات نووية مطلقة، وقد تلقّى دعمًا من إيران وكوريا الشماليّة.
وأشارت الدراسة إلى أنّ إسرائيل قد ترغب في وجود نظامٍ قويٍّ ومستقرٍ في سوريّة إلّا إذا لم يعد عدوًا ومستعدًا لإحلال السلام مع إسرائيل، ولا يوجد حتى الآن ما يشير إلى أنّ نظام الأسد مهتم بهذا التغير الجذريّ في السياسة، ومع ذلك، فإنّ بعض العناصر في المعارضة تعبر عن وجهات نظر مختلفة بشأن إسرائيل، أكّدت الدراسة.
وهذا لا يتطلب تغييرًا في سياسة إسرائيل بعدم التدخل، وإسرائيل بلد صغير ذات قدرة محدودة جدًا على التأثير على التطورات السياسية خارج حدودها، إسرائيل لم تضعف نظام الأسد ولا تستطيع اقتلاع المعارضة لها. وهي بمثابة متفرجة مع القليل من النفوذ على الديناميكيات المحلية في سوريّة.
وأخيرًا، فإنّ الإعراب عن دعم نظام الأسد، نظام الإبادة الجماعية هو أمر يستحق الشجب الأخلاقيّ، ولا ينبغي للدولة اليهوديّة أنْ تدعو إلى بقاء هذا النظام الذي لا يرحم على نحوٍ رهيبٍ، وفي حالة سوريّة، تستكمل المتطلبات الإستراتيجية بحتميات أخلاقية .
صحيفة رأي اليوم الألكترونية