ملك الأردن يدفع لإنهاء القطيعة الدبلوماسية بين المغرب والجزائر
دخل ملك الأردن عبدالله الثاني على خط الأزمة بين المغرب والجزائر على أمل إنهاء القطيعة الدبلوماسية بين البلدين الجارين والتي طبعت أشهر طويلة من التوتر لا تبدو له نهاية في الوقت الراهن في ظل تصعيد جزائري على أكثر من جبهة وفي صدارتها تأجيج النزاع المفتعل في الصحراء المغربية.
وعودة الدفء للعلاقات المغربية الجزائرية تبدو مستبعدة في الوقت الراهن على الرغم من أن المغرب مدّ يده في أكثر من مناسبة للجارة الشرقية حرصا على العلاقات التاريخية بين شعبي البلدين وحرصا على دعم أمن واستقرار المنطقة، لكن للجزائر حسابات أخرى تجعلها تبقي الضجيج المفتعل خدمة للأجندة الانفصالية التي يقودها الجنرالات من وراء ستار واجهة سياسية وحاضنة مالية وعسكرية لجبهة البوليساريو.
وذكر تقرير مغربي نقلا عن تقارير إعلامية اسبانية أن الملك عبدالله الثاني يقود مبادرة لرأب الصدع الدبلوماسي بين الجزائر والمغرب بعد أن تمكن لأول مرة في تهدئة التوتر بين الجانبين الجزائري والاسباني ونجح في تقريب وجهات النظر بين البلدين مع توصله لاتفاق مبدئي في العاصمة الجزائرية لإعادة فتح خط أنابيب الغاز المغاربي الأوروبي المغلق منذ 31 أكتوبر/تشرين الأول في أقرب وقت ممكن.
وذكر موقع ‘هسبريس’ الإخباري المغربي نقلا عن تقرير أوردته صحيفة “لافانغوارديا” الاسبانية استنادا لعدة مصادر، أن العاهل الأردني الذي زار الجزائر مطلع الشهر الحالي قادما إليها من مصر، حصل على دعم من الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي لقيادة جهود وساطة بين المغرب والجزائر.
وبحسب المصدر ذاته فإن “الملك عبدالله الثاني أحرز تقدما كبيرا في مسار التسوية بين الجزائر واسبانيا. ووفقا لمصادر دبلوماسية إسبانية من المتوقع أن يجتمع وفدا الجزائر والمغرب في منتدى سويسري”.
ونقلت الصحيفة الإسبانية عن مصدر دبلوماسي جزائري قوله “نحن ندعم وساطة الملك عبدالله لإعادة فتح الشرق الأوسط الكبير. أعتقد أنه يمكن أن يحدث قريبا جدا وسيكون خطوة لتطبيع العلاقات التجارية مع إسبانيا”.
وذكرت “لافانغوارديا” نقلا عن إدوارد سولير الباحث الجامعي المتخصص في العالم العربي، أن “اسبانيا عالقة في صراع لا يمكنها السيطرة عليه”، في إشارة إلى موقفها الداعم لمغربية الصحراء واعتبار مبادرة الحكم الذاتي تحت السيادة المغربية التي اقترحتها الرباط منذ العام 2007 أساسا واقعيا لحل النزاع في الصحراء وهو أمر أزعج الجانب الجزائري ودفعه لمعاقبة مدريد من خلال ورقة إمدادات الغاز.
وقال سولير “لن يكون لإسبانيا أبدا الوزن الدبلوماسي الذي تتمتع به فرنسا في المغرب، لكن تعرضها لكل ما يحدث هناك أكبر بكثير”.
ونقلت الصحيفة الاسبانية ذاتها عن لوردس فيدال الباحث المتخصص في شؤون المنطقة المغاربية، قوله إن “إسبانيا تهتم اليوم بالعلاقة مع المغرب أكثر من اهتمامها بالجزائر لأنهما يشتركان في الكثير من الاهتمامات”، مضيفا أن “ضبط الحدود في سبتة ومليلية وتدفقات الهجرة وكذلك التعاون في مكافحة الإرهاب والعلاقات التجارية المتنامية، يلقيان مصلحة إسبانيا في المغرب على حساب الجزائر”.
وتقول الحكومة الاسبانية إنها حريصة على علاقات جيدة مع الجزائر لكنها تحرص في الوقت ذاته على أن لا يكون ذلك على حساب علاقاتها الإستراتيجية مع المغرب.
وقالت الصحيفة الاسبانية في تقريرها إن الأزمة السياسية بين إسبانيا والجزائر بدأت تقترب من الحل بفضل وساطة الملك عبدالله الثاني، موضحة أنه توصل إلى اتفاق مبدئي في الجزائر العاصمة لإعادة فتح خط أنابيب الغاز المغاربي الأوروبي المغلق منذ 31 أكتوبر/تشرين الأول في أقرب وقت ممكن.
وستساعد إعادة فتح هذا الخط على تخفيف التوتر السياسي الناشئ بين إسبانيا والجزائر على خلفية الموقف الإسباني الداعم لمغربية الصحراء والذي اعتبره الجانب الجزائري انعطافا خطيرا في موقف مدريد.
وتسبب هذا التوتر في ضرر بالغ لعشرات الشركات الاسبانية التي باتت عاجزة منذ يونيو/حزيران الماضي عن الوصول إلى السوق الجزائرية بسبب الإجراء العقابي الجزائري.
وبحسب المصدر ذاته فإن الموقف الرسمي الجزائري هو الإبقاء على العلاقات التجارية مع اسبانيا مجمدة طالما أن الحكومة يرأسها بيدرو سانشيز التي من غير الوارد أن تتراجع عن قرارها لصالح مقترح الحكم الذاتي في الصحراء تحت السيادة المغربية الذي تطرحه الرباط.
وتابعت الصحيفة الإسبانية أن رئيس الحكومة سانشيز يتمسك بـ”حل سياسي مقبول للطرفين”، لكن هذا الأمر لا يرضي الجزائر.
ونقلت الصحيفة عن مصدر دبلوماسي جزائري قالت إنه فضل عدم الكشف عن هويته لأنه غير مخول بالحديث في هذا الملف للصحافة “نحن ندعم وساطة الملك عبدالله لإعادة فتح الشرق الأوسط الكبير. أعتقد أنه يمكن أن يحدث قريبا جدا وسيكون خطوة لتطبيع العلاقات التجارية مع إسبانيا “.
وأشار تقرير الصحيفة الإسبانية إلى أن العاهل الأردني كان قد زار القاهرة وحصل على دعم الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي للقيام بوساطة بين الجزائر والمغرب وذلك قبل أن يستقبله الرئيس الجزائري عبدالمجيد تبون بحفاوة.
وقالت ‘لافانغوارديا’ إن التوتر بين المغرب والجزائر الأخير هو الأعلى في العقود الأخيرة، موضحة أن ملف النزاع في الصحراء ليس حجر العثرة الوحيد في العلاقات بين البلدين.
وتابعت أن الاتحاد الأوروبي يعتقد أنه من المقبول أن تمضي إسبانيا في التقارب مع المغرب لأنه كما يقول لوردس فيدال “المصالح واحدة: الهجرة والحدود والأمن وصيد الأسماك”، مضيفا أن “الحساسية الأوروبية تجاه ملف الصحراء محدودة للغاية”.
وكانت الجزائر قد أعلنت في أغسطس/اب الماضي قطع علاقاتها الدبلوماسية مع المغرب زاعمة أن قراراها يأتي ردا على ما قالت إنها “أعمال عدائية” من قبل المملكة.
وقال وزير الخارجية الجزائرية رمطان العمامرة حينها “قررت الجزائر قطع العلاقات الدبلوماسية مع المملكة المغربية ابتداء من اليوم (الثلاثاء 24 أغسطس/اب)”، لكن “قطع العلاقات الدبلوماسية لا يعني أن يتضرر المواطنون الجزائريون والمغاربة. القنصليات تباشر عملها بصفة طبيعية”، مضيفا “نطمئن المواطنين الجزائريين في المغرب والمغاربة في الجزائر أن الوضع لن يؤثر عليهم. قطع العلاقات يعني أن هناك خلافات عميقة بين البلدين لكنها لا تمس الشعوب”.
وردت السلطات المغربية على إعلان الجزائر قطع العلاقات الدبلوماسية معها، معتبرة أن “القرار غير المبرر”. وقالت الخارجية المغربية في بيان حينها “المملكة المغربية أخذت علما بالقرار الأحادي الجانب للسلطات الجزائرية بقطع العلاقات الدبلوماسية مع المغرب ابتداء من هذا اليوم.. وإذ يعرب المغرب عن أسفه لهذا القرار غير المبرر تماما بيد أنه متوقع، بالنظر إلى منطق التصعيد الذي تم رصده خلال الأسابيع الأخيرة، وكذلك تأثيره على الشعب الجزائري، فإنه يرفض بشكل قاطع المبررات الزائفة، بل العبثية التي انبنى عليها”.
وتابعت “من جانبها، ستظل المملكة المغربية شريكا موثوقا ومخلصا للشعب الجزائري وستواصل العمل، بكل حكمة ومسؤولية من أجل تطوير علاقات مغاربية سليمة وبناءة”.