من له أذنان للسمع …؟؟!!
منذ الصغر كانت تلفت نظري عبارة تنتهي بها كل حكمة أو قصة قرأتها في الكتب المقدسة وهي: “من له أذنان للسمع ..فليسمع ..!!”. كنت أستغربها، وأتساءل لماذا يصر الرسل والأنبياء على التأكيد عليها .. بعد كل وعظة ومثل يرونه؟
وبعد تجارب كثيرة مررت بها .. مثل: ((قلت لها … قالت لي … قالت له … قال لها … !! ولم تسمع … !! لم يفهم .. !! .. لم يتغير شيء !! هل المشكلة معي أم عندي ؟ ترى هل أنا من لا يعرف استخدام الكلمات وتوصيل الفكرة وتوضيح رأيي، أم أن الآخر هو من لا يسمع ولا يفهم ما أقول ! )).
مشكلة واقعية حقيقية تواجهنا في علاقاتنا وطريقة تواصلنا مع بعضنا البعض .. نعاني منها وتسبب لنا سوء فهم ومشاكل تتراوح بين خسارة شخص أو خسارة سمعة أو خسارة عمل .. !! ومع الوقت والأيام والخبرات فهمت الفرق واستوعبت الفكرة… !! أن تسمع ما يقال أمامك شيء، وأن تفهم وتستوعب وتشعر بالمختلف شيء آخر.. والاصغاء: هو السمع الفعال .. الذي يتعلمه الانسان بالممارسة والتمرين، والرغبة الحقيقية بفهم الكلمات والاحساس بمشاعر الآخر .. واستيضاح الأمور وتوضيح الكلمات … !!
عندما نصغي نفهم الحقيقة .. ونعرف ما يريده الآخر .. وبالتالي نبتعد عن سوء التفاهم والخلافات والحساسيات ..!! عندما نستوضح ونستوعب ما يقوله الآخر ونضع أنفسنا مكانه .. نفهم حقيقة الأخر ونستوعب فكرته ورأيه …
الاصغاء …موضوع حساس، وفكرة بسيطة ..تدفعنا إلى فهم واقع وحقيقة ما يجري حولنا .. وعدم تحريف وتحوير الكلمات، وتركيبها حسب ما نريد أن نسمع ونفهم، وما يناسب أهواءنا ورغباتنا، بعيداً تماماً عن واقع الأمر.
هذه الفكرة أحببت طرحها اليوم بعد أن وصلنا إلى مرحلة لم نعد نريد فيها حتى أن نسمع الحقيقة … لأنها لا تناسبنا .. !!! وما وصلنا إليه من جدران تحيط عقولنا .. وأحقاد تتراكم حولنا .. وحواجز تعلو بيننا ما هو إلا نتيجة لعدم إصغائنا لمن يختلف عنا، وعدم رغبتنا بسماع الحقيقة، و عدم محاولة احترامنا وفهمنا لمشاعر الآخرين. غياب السمع الفعال أو الاصغاء هو برأيي السبب الأول لما نحن فيه اليوم .. !! فمن له أذنان للسمع … فليسمع !!!