من يتحكم في الثروات النفطية التي يمتلكها الشرق الأوسط؟

لو تعمقنا في مسألة الثروة النفطية في الشرق الأوسط، للاحظنا وجود صراع داخلي بين الدول المنتجة، وذلك نظرًا للأنظمة الملكية في الشرق الأوسط، التي تبذل قصارى جهدها للسيطرة على الموارد النفطية، تهيؤًا للسنوات المقبلة، وتجدر الإشارة في هذا الموضوع إلى تمويل “تنظيم الدولة” عن طريق سرقة النفط الخام.

وفي هذا السياق، ينبغي الحديث عما يحدث في المنظمة العالمية للنفط من تخفيض إنتاج النفط الخام، وتوزيع حصص الإنتاج ومستوى الإنتاج المرتبط بارتفاع سعر النفط الخام في السوق.، فإنتاج النفط في العالم يقارب 100 مليون برميل يوميا، وانخفاض الإنتاج بمليون برميل من النفط، يدل على أن أوبك (المنظمة العالمية للنفط) تريد أن تعادل إجمالي الإنتاج العالمي.

ويشجع كل هذا على الجدل الجيوسياسي والصراع الداخلي بين الدول المنتجة، كما أشرنا من قبل، إلى حقيقة الأنظمة الملكية في الشرق الأوسط، التي تسعى للسيطرة على الموارد النفطية احتياطًا للأعوام القادمة، أما الدول المعنية بهذا الصدام، فيمكن ذكر المملكة العربية السعودية وإيران والإمارات العربية المتحدة والعراق، وفي خلال هذا الصدام الجاري، على الدول المعنية أن تقدم تضحيات، فالمملكة العربية السعودية، على سبيل المثال، قطعت رواتب موظفي الخدمة المدنية، جراء انخفاض إنتاج النفط.

كما يمثل “تنظيم الدولة” عاملا لعدم الاستقرار، أما بالنسبة لتركيا، فهي تأمل في تأثير قوي على أراضي شمال العراق وشمال سوريا، لذلك يمكن القول إن نجاح مؤتمر “أوبك”، يعتبر بنفس أهمية اتفاق وقف إطلاق النار.

وتشير الأحداث المأساوية، التي تنشأ من أزمات الشرق الأوسط (العراق، إيران، تركيا، كردستان، المملكة العربية السعودية، واليمن)، وتؤثر على بقية العالم بطريقة دراماتيكية (البرجين التوأمين، بروكسل، باريس، نيس، نيجيريا، بنغلاديش …)، إلى استحالة توحيد المعارضة والتكامل بين الإسلام والحضارة الغربية.كما اتضح الآن أن أسباب المناوشات الكثيرة بين القوى العظمى العالمية ودول الشرق الأوسط في الآونة الأخيرة، هي السعي إلى السيطرة على الطاقة في العقود المقبلة، وتوسع نفوذ “تنظيم الدولة” في المنشآت النفطية، ووفقاً لبعض التحليلات لو تم التصدي لهذا التنظيم منذ ظهوره، لما حدث ذلك.

فسيطرة “تنظيم الدولة”، في شمال العراق، ساهم في استيلائه على النفط في تلك المناطق.. النفط الذي يتم نقله عبر الحدود التركية العراقية يوميًا بواسطة مئات الشاحنات، وذلك غير قانوني، فكيف كان من الممكن أن تحمل هذه الناقلات النفط المسروق إلى العراق، وإلى المحطات الرئيسية في منطقة البحر الأبيض المتوسط، دون أن يلاحظ ذلك؟ وكيف يمكن أن تستخدم مرابيح تصدير هذا النفط كمصدر رئيسي في تمويل تنظيم الدولة؟

من الواضح جداً أنه من الصعب فك الشبكة المعقدة، التي تتمحور حول صفقة “داعش”، ويكاد يكون من المستحيل فهم مختلف استراتيجيات المعارضة، فما علاقة كل هذا بالصراع بين الإسلام والمسيحية؟

وتجدر الإشارة هنا إلى الحروب الصليبية، والحروب الدينية باسم تحرير القدس، لكنها في الواقع، من أجل السيطرة على أسواق البحر الأبيض المتوسط.. توقفت هذه الحروب، لكن دون حل الصراعات الدينية، وذلك لأنه بعد اكتشاف أمريكا، تحولت تدفقات التجارة من البحر الأبيض المتوسط إلى المحيط الأطلسي والمحيط الهندي، فالجمهوريات البحرية والسلطنات المختلفة، أي المتنافسين على شواطئ البحر الأبيض المتوسط، لا تفهم تحديات العالم الجديد، لذلك اضطرت لترك المجال مفتوحا للقوى البحرية الجديدة والقوى التجارية الأوروبية.

وتستأنف الحرب من جديد في الخليج العربي، نظراً لأنه يمتلك 50% من احتياطيات العالم من النفط والغاز، ما يكفي لمائة عام أخرى، ومن أهم القوات المسيطرة على ثروات الخليج والشرق الأوسط عمومًا، نذكر أمريكا التي تتحكم في نفط المملكة العربية السعودية والكويت والإمارات، وأوروبا وروسيا اللتان تتحكمان في نفط العراق وإيران.

وأصبح موضوع الاستقلال في مجال الطاقة اليوم حديث الكثيرين في الولايات المتحدة، وتحقق هذا الاستقلال بفضل الغاز الصخري والصخر الزيتي؛ الأمر الذي جعل استيراد النفط من الخليج أقل أهمية، والحد من الابتزاز المحتمل من البلدان الثرية نفطيًا، وعلى الرغم من ذلك ستضطر الولايات المتحدة إلى الاستثمار في تقنيات إنتاج جديدة في زيت الوقود (المصافي الأكثر تطورا)، أو الغاز الطبيعي (الغاز السائل). ومن جهة أخرى فإن جميع البلدان الصناعية لديها مشكلة الطاقة نفسها، ما يجعلها تسعى لتأمين واردات النفط، وتخزينه خوفًا من التقلبات والمنافسة.

الفوليو

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى