موت القلم
التجأتُ إلى القلم ليكتب بعض أفكاري ، وقف على السطر يكتب حرفاً فيسقط حرفاً آخر، أعيد الحرف إلى مكانه فيعاود السقوط، ضقت ذرعاً بالقلم، مزّقته، خلعتُ عنه ملابسه، انتزعتُ منه دماغه، عبثت في مكوناته باحثاً عن الحروف التي كان يلتهمها، فقد آن لصريره أن يهدأ!
حين انتهيت من موته سال دمه على السطور بحروف لا معنى لها، بكى بدموع حزينة، وبلا شعور عجنتْ أصابعي تلك الورقة مفرّغاً توتري وانفعالي، ورميتُ جثتها بعيداً عني، وأطعمتها لسلة المهملات!
سقط القلم من يدي، أمسكته ونظرت إلى تلك الانفعالات وهو يتألم من وقع السقوط وكأنه يقول شيئاً بداخله، فقد رمى بكلماته وسكب دموعه بصمت على السطور، ومات بعد أن فقد روحه!
تناولتُ ورقة بيضاء بلا سطور، وراحتْ الكلمات تنزلق بعد أن طردتْ حروف الأبجدية التي عجزتْ عن نقل أفكاري و مشاعري وأحاسيسي!
أيها القلم: أعلم بأنك لم تكتب إلا الذي قلته لك، فأنت لساني والقول قولي، لكن الفعل فعلك أنت.. فقد أكثرت من تمزيق الحروف وتشويه الكلمات!
أيها القلم: أنت جماد أبكم لك فم ،وليس لك لسان ، لكنني أشفقت عليك واتخذتك إصبعاً سادساً لي ، فهل كنت ستسطر سجّل أعوام كثيرة من عمري لولا إصبعي ؟ وهل تتصرف إلا بإرادتي؟ وهل لك طاقة بدوني ؟!
كان الليل يتمطى خارج نافذتي متثائباً، وهو يسحب ذيله للفجر القادم، نظرتُ إلى النافذة لأتفاجأ بدموع السماء تنقر الزجاج، تجاهلتُ صراخها وخلدتُ إلى النوم وأنا أفكر كيف سأردّ الكرامة لقلمي وأعتذر منه!