لا يختلف عاقلان في كيان الاحتلال على أنّ رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو هو بالفعل كما وصفه زميله وحليفه وزير الماليّة الفاشيّ بتساليئيل سومتريتش بأنّه كذّاب ابن كذّاب، وأنّ صديق نتنياهو الوحيد هو نتنياهو نفسه، وفي الآونة الأخيرة تزايدت الأصوات التي تنعت رئيس الوزراء الإسرائيليّ بصفاتٍ مُسيئةٍ للغاية، وفي مُقدّمتها الكذب والدجل وعدم احترام الاتفاقيات التي يُوقِّع عليها، عُلاوةً على كون زوجته تتحكّم فيه بكلّ شاردةٍ وواردةٍ.
فعلى سبيل الذكر لا الحصر، قال المحامي عوفر بار طال، وهو قائد سرب طائرات بالاحتياط، فقد وصف نتنياهو في لقاءٍ تلفزيونيٍّ بأنّه أخطر من أيّ جاسوسٍ إيرانيٍّ، فيما قال رئيس جهاز الأمن العّام الأسبق (شاباك)، يوفال ديسكين، إنّ نتنياهو غدا منفصلاً عن الواقع ويعيش في عالمٍ آخرٍ، على حدّ وصفه.
إلى ذلك، قال رئيس الموساد الأسبق، تامير باردو، الذي خدم بإمرة نتنياهو خمسة أعوامٍ، إنّ نتنياهو قبل عقدٍ من الزمن كان سيرمي نتنياهو الحالي من أعلى السلّم، وأضاف أنّ قادة إسرائيل اليوم يقومون بممارسة الضغوطات، تمامًا كما تفعل المافيا، مُضيفًا أنّ نتنياهو أخذ تنظيم (كو كلوكس كلان)، الأمريكيّ الفاشيّ-العنصريّ وأدخله إلى حكومته، مُوضحًا في الوقت عينه أنّه خلافًا للرأي السائد بأنّ الفاشيين والعنصريين يقومون بجرّ نتنياهو، فإنّ نتنياهو بنفسه هو الذي يقود السفينة، على حدّ تعبير رئيس الموساد السابق.
وهذا الأسبوع فجّر باردو قنبلةً من العيار الثقيل عندما قال إنّ إسرائيل تمارس نظام الفصل العنصريّ ضدّ الفلسطينيين في الضفة الغربية، وذلك في تصريحات مفاجئة أدلى بها لوكالة (أسوشييتد برس)، موضحًا أنّه “يستند في حكمه على الادّعاء بأنّه حيث يُعتمد نظامان قانونيان لمقاضاة شعبيْن، تكون هناك دولة فصل عنصريّ”.
وتابع باردو: “إنّه كرئيسٍ للموساد في عهد رئيس الوزراء نتنياهو، حذّر عدّة مرّاتٍ من أنّه يتوجب عليه أنْ يقرر ما هي حدود إسرائيل، وإلّا فهو يخاطر بتدمير الدولة اليهودية”، حسب تعبيره، ووفقًا له، “على إسرائيل أنْ تقرّر ماذا تريد. إنّ دولةً لا حد لها هي دولة بلا حدود”.
وتطرق باردو خلال المقابلة إلى تصريح مَنْ يُسمى بوزير الأمن القومي إيتمار بن غفير بشأن حرية حركة الإسرائيليين في الضفة الغربية. وقال: “إنّ المواطنين الإسرائيليين يمكنهم قيادة سياراتهم في أيّ مكانٍ يريدون، باستثناء قطاع غزة، بينما لا يستطيع الفلسطينيون القيادة في أي مكان”، وأضاف باردو أنّه “لا يعتبر مواقفه بشأن الوضع في الضفة الغربية متطرفة، بل هي حقيقة”.
ولم يُفصح باردو عمّا إذا كانت هذه هي مواقفه فترة رئاسته (الموساد) بين الأعوام 2011-2016، لكنّه أكّد أنّه اعتقد أنّ القضية الفلسطينية هي واحدة من القضايا الأكثر إلحاحًا في البلاد، حتى أكثر من البرنامج النووي الإيرانيّ، على حدّ قوله.
بدوره، خرج حزب “الليكود” ضد أقوال باردو وأصدر بيانًا جاء فيه “إننا ندين بشدة التصريح المخزي والكاذب الذي أدلى به تامير باردو. لا توجد دولة في العالم تعمل ضد الإرهاب بالمستوى الأخلاقي العالي الذي تتصرف به إسرائيل. الجيش الإسرائيلي يتصرف بشكل أخلاقي لحماية مواطني إسرائيل، وفي الوقت نفسه يمنع إصابة الأبرياء. تعالج المستشفيات في إسرائيل اليهود والعرب، الإسرائيليين والفلسطينيين على حد سواء. العرب واليهود يدرسون ويعملون معًا في إسرائيل. وبدلًا من الدفاع عن دولة إسرائيل والجيش الإسرائيلي، يقوم باردو بالتشهير بإسرائيل، وفق زعم “الليكود” الذي اختم البيان بعبارة “إخجل يا باردو”.
وقالت صحيفة (يديعوت أحرونوت) العبريّة إنّه “ليس فقط رئيس (الموساد) السابق يعتقد أنّ إسرائيل هي دولة فصل عنصري، إنّما أيضًا المبعوث الخاص للأمم المتحدة مايكل لينك الذي قدّم الأسبوع الماضي إلى الأمم المتحدة نتائج بحث أجراه عن وضع المناطق الفلسطينية في الضفة الغربية قبيل جلسة النقاش التي ستقام في محكمة العدل الدولية في (هاغ) حول قانونية الاحتلال الإسرائيليّ حيث أكّد أنّ إسرائيل “تنتهك القانون الدولي وتضم أرضًا محتلة وتمّس بحقوق المواطن وتمارس أساليب الفصل العنصريّ”.
وأضاف تقرير لينك: “بما أنّ الاحتلال غير قانوني، فإنّ العواقب يجب أنْ يكون الانسحاب الكامل والفوريّ وغير المشروط للقوات العسكريّة الإسرائيليّة، وانسحاب المستوطنين الاستعماريين، وإلغاء جميع القوانين التمييزية، وحلّ الإدارة المدنية”.
ووصف لينك، وهو أستاذ قانون كنديّ، التقرير الذي كُلّف بإعداده بأنّه “واحد من أكثر تقارير الأمم المتحدة شمولًا على الإطلاق الذي يتناول الاحتلال وإنهاء الاستعمار وتقرير المصير”، على حدّ تعبيره.
ويُشار إلى أنّ رئيس الموساد الأسبق باردو، كان قد وصف جهاز الموساد بأنّه يتصرّف تمامًا كما تتصرّف المافيا المنظمّة في إيطاليا، وفق ما قاله للقناة الـ 12 بالتلفزيون العبريّ، مُضيفًا أنّ الجهاز يحظى بدعمٍ كاملٍ من دولة الاحتلال.
ولكنّ المُحلِّل “اليساريّ” في صحيفة (هآرتس) العبريّة، روغِل ألفِر، وصف باردو بالمنافِق بعد أقواله عن العزل العنصريّ الذي يُمارسه الكيان ضدّ الفلسطينيين، لافتًا إلى أنّ باردو كان إحدى الركائز الأساسيّة التي عمِلت على تكريس نظام الأبرتهايد، عندما كان رئيسًا للموساد، على حدّ قوله.
صحيفة رأي اليوم الألكترونية