نحو جيل مبدع ( 1 )
خاص بموقع ( بوابـة الشـرق الأوسـط الجديـدة )
أود اليوم وخاصة بعد مقالاتي السابقة عن التفكير خارج الصندوق وعن موضوع الإبداع طرح فكرة ليس عن إكتشاف الإبداع عند أطفالنا بل عن صناعته !! وكيف نوفّر التربة الخصبة لبراعمنا لكي نُنمي قدراتهم الإبداعية؟؟
وبالطبع أول ما نتوجّه إلى البوصلة الأُسرية ؛ فالأسرة هي النواة الحقيقة لإبداع أي طفل وهنا أبدأ لأقول :
الطفل صفحة بيضاء يستطيع الأبوين الكتابة عليها كما يريدون ؛ وهو عجينة ليّنة يمكنكم تشكيلها بالطريقة التي ترغبون ؛ والقدرات الإبداعيّة موجودة
عند كل طفل ولكن بحاجة لرعاية لتنمو وتُزهر ..!!
فماهي الطرق التي نستطيع من خلالها اِستنبات الإبداع عند أطفالنا ؟؟
* أولاً : أن تُتيح له وقتاً كافياً ليلعب بألعاب تحفّز الخيال والتفكير؛ فهذه هي البداية الصحيحة !! ستقولون لي اللعب !! نعم اللعب و سوف أدهشكم بمعلومة وهي أن هناك صفة عجيبة مشتركة مثلاً بين سيرجي برين مؤسس جوجل وجيف بيزوس مؤسس أمازون وجيمي ويلز مؤسس ويكيبيديا ؛ ألا وهي أن آبائهم ألحقوهم بطفولتهم بمدارس تعتمد في التعليم على ألعاب هادفة وهذه المدارس قد حققت نجاحات هائلة ومدهشة !!
لذلك هيئ للطفل مكاناً وبيئة تساعده على اللعب بحريّة ولو زاوية صغيرة في المنزل من غير قيود أو خوف من أن يكسر أو يُفسد شيئاً !!
* عودوه على القراءة وحب الكتاب وإقرؤوا له القصص واطلبوا منه أن يتخيل نهاية لها وذلك لتحفيز خياله على التفكير أو ضعوا إحدى شخصيات القصة في مأزق واطلبوا من الطفل مساعدته في إيجاد الحلول !!
* كثيراً ما يتبرم الأهل من أسئلة الطفل وهذا أكبر خطأ فالرفض المتكرر لأسئلته تجعله يوقف تأملاته وأفكاره ؛ إذن عليك أن تحاوره وتناقشه وتجيب على كل تساؤلاته وتتقبل أسئلته بصدر رحب دون اِستهزاء أو تسفيه أو تقليل من الشأن ؛ وإلا أفقدته ثقته بنفسه وأوقفت تدفق الأفكار الابداعيّة لديه . بالطبع لامانع من تعديل الأفكار الخاطئة بحكمة ولين بعيداً عن المصادمة والغضب الذي من شأنه إعاقة عمليّة توليد الأفكار .
* إذا اِعترضت طفلك مشكلة ما فمن الضروري ألّا تبادر بحلّها فوراً بل قل له تعال نبحث عن حلول معاً ، ماذا لديك من أفكار ، تعال لنرى أيّها أفضل برأيك ، لماذا هذه الطريقة أفضل .. إلخ وهكذا ..
ولنبتعد مااستطعنا عن الحلول المبرمجة ؛ بمعنى أن نعطي الطفل فرصة ووقتاً لاكتشاف جميع الإمكانات والحلول المتاحة ونجعله يخرج من العموميات إلى الأفكار الخاصّة ونجتهد بعدم منحه الحلول الجاهزة ؛ فمثابرته على العثور على حل لتخطي أمر ما يمنحه الخبرة وقوة التفكير وهذا ما يقود إلى التفكير الإبداعي الذي نصبو إليه !!
* لا تتخذ القرارات عنه دعه يفعل ذلك بنفسه، وفي الوقت ذاته دربّه على رؤية الإيجابيات والسلبيات في كل قرار وأيّها الأفضل ولماذا . ودعه يتعلّم ماذا يعني أن يتحمّل مسؤولية قرار ما !!
* تعزيز روح المغامرة فبدونها لن يتعلّم أن يكون مبادراً جريئاً مع ضرورة التركيز على نوع المغامرة المدروسة وليس المتهورة !!
* أشركوه بالتفكير بحلول في مواقف عصيبة فمثلاً : هممتم بالخروج من المنزل وإذ بالسيارة قد تعطلت .. لا تقولوا أمامه ياله من حظ سيء !! على العكس اِطلبوا منه فوراً أن يبحث عن حلول بديلة ؛ قولوا له : لو كنت مكاننا ماذا ستفعل ؟ كيف ستذهب وتصل إلى وجهتك ؟ هل ستلغي أمورك لهذا السبب وتعود إلى المنزل أم ستبحث عن طريقة وتصمم على الذهاب …إلخ ؛ وهكذا نحفّز الخيال والتفكير لديه بل ونعلّمه المرونة أمام أي عائق يواجهه وأنّه لامجال لشيء يُدعى الحظ الذي يتخذه كثير منّا ذريعةً للأسف !!!
* علّموه كيف يحوّل أفكاره إلى واقع ملموس ؛ فليس المهم فقط وجود أفكار لديه بل كيفية إخراجها إلى حيّز التنفيذ !!
* أعطوه المساحة ليعبّر هو عن ميوله ورغباته ويمارس هواياته ولا تفرضوا عليه ميولكم أنتم !!
* عودوا الطفل على لغة الحوار الفعّال.
* يولد كل طفل وبداخله حب الاستكشاف فعلينا تنمية هذه الملكة فهي تقود إلى الإبداع.
* إذا اِرتكب الطفل خطأ ما في طريقة لعبة أو في حل مسألة فلا تعنفّه بطريقة شنيعة وتذكّر أن أي مبدع قد أخطأ مئات المرات قبل وصوله والقاعدة تقول : إذا لم تكن مستعداً لتكون مخطئاً فلن تكون مستعداً لتكون مبدعاً !!
وأخيراً أقول : بالطبع هناك العديد من الطرق التي نستطيع من خلالها زرع التفكير الإبداعي عند أطفالنا لكنني اكتفيت باختصار بذكر أهمها وأختم بقول بيكاسو المشهور : ” يُولد جميع الأطفال فنانين ( ويقصد مبدعين بشكل عام ) ولكنّ المشكلة في أن نبقيهم كذلك !! ”
ولكن هل تتحمّل الأسرة فقط موضوع تنمية أو وأد الإبداع عند الطفل ؟؟ ماذا عن المدرسة ؟؟ سوف أدهشكم باحصائيات مؤسفة في المقال القادم !!
تسعدني متابعتكم .
لكم مني أجمل التحيات
* مدربة تنمية بشرية
www.facebook.com/Lena.Mhd.Matteet