نيران «جيب إدلب» ترسم شروط «الهدنة» المفترضة
وسط التجاذبات الروسية ــــ التركية حول إمكان تطبيق «هدنة» في «جيب إدلب»، شهد أمس هجوماً واسعاً من فصائل عدة على مواقع الجيش في بلدة الحويز، في ريف حماة الشمالي الغربي. وافتتح الهجوم بتفجير سيارة مفخخة لم تصل الى نقاط الجيش داخل البلدة، فيما ساهم سلاح الجو في استهداف خطوط إمداد المسلحين والحد من نشاطهم. التصعيد من جانب الفصائل لم يكن خارج حسابات الجيش الميدانية، وهو ما أتاح صدّ التحرّك بأقل الخسائر الممكنة، لينتهي من دون تغيرات على خريطة السيطرة في المنطقة. لكن فتح ائتلاف من الفصائل معركة، في ظل مساعٍ تركية لوقف إطلاق النار، جعل إحياء «الهدنة» خاضعاً لحسابات إضافية معقّدة.
وتدلّ كثافة القصف المدفعي والجوي أمس على أن استمرار اشتعال الميدان هو الاحتمال الأكثر رجحاناً، إن لم تتمكن أنقرة من ضبط مفاتيح التصعيد في الجانب الذي «تضمنه» وفق صيغة «أستانا». ويشير استهداف محيط إحدى النقاط التركية أمس، في محيط سهل الغاب، إلى أن التصعيد الميداني لن يكون محدوداً إن فشلت مساعي «الهدنة». ونقلت وكالة «الأناضول» عن «مصادر محلية» أنه تم استهداف «نقطة المراقبة التركية الرقم 10، الواقعة في منطقة جبل الزاوية» بقذائف مدفعية، وأنها سبق أن تعرّضت لاستهداف ثلاث مرات في 29 نيسان و4 و12 أيار الماضيين. وبينما لم يصدر تعليق تركي مباشر على هذا التطور، دفع الجيش التركي بتعزيزات من الوحدات الخاصة إلى لواء إسكندرون، قرب حدود محافظة إدلب.
الجانب الروسي المعني بالمحادثات مع أنقرة وضع أمس الكرة في الملعب التركي، وأكد أن نجاح «الهدنة» المفترضة يتطلب التزام الفصائل «وقف استهداف المناطق المدنية والمواقع التي يوجد فيها عسكريون من القوات الروسية»، مضيفاً إن تركيا هي المسؤولة مباشرة عن ذلك، لكونها ملتزمة تطبيق «اتفاق سوتشي». جاء الحديث الرسمي الروسي في تصريح للمتحدث باسم «الكرملين»، ديمتري بيسكوف، عقب اجتماع الرئيس فلاديمير بوتين والأعضاء في «مجلس الأمن الروسي» لنقاش الوضع في إدلب. ولفت بيسكوف إلى أن المشاركين في الاجتماع أعربوا عن قلقهم «إزاء القصف الإرهابي المستمر» هناك. وأكد المتحدث ضمنياً أن اتصال الرئيس التركي، رجب طيب إردوغان، بنظيره الروسي أول من أمس، كان يتضمن طرح العودة إلى «هدنة» في منطقة «خفض التصعيد»، مشيراً في الوقت نفسه إلى عدم «وجود خلافات» بين بلاده وتركيا حول إدلب.
في موازاة النقاش التركي ــــ الروسي المستمر، خرج وزير الخارجية الأميركي، مايك بومبيو، من ألمانيا، ليعلن أن بلاده تواصل «جهود إقامة منطقة آمنة» في شمال شرق سوريا، على الحدود مع تركيا. وفي مؤتمر مع نظيره الألماني، هايكو ماس، قال بومبيو: «لقد شاهدتم العمل الذي قمنا به مع الأتراك في منبج غربي نهر الفرات… إضافة إلى هذا (الدوريات التركية الأميركية المشتركة في منبج)، نسعى الى تأسيس نظام، بوسعكم تسميته منطقة عازلة أو أي شيء آخر للحد من خطر الهجمات الإرهابية على تركيا»، مضيفاً: «المنطقة الآمنة تهدف إلى إنهاء التوتر» بين تركيا والمجموعات المدعومة من الجانب الأميركي.
صحيفة الأخبار اللبنانية