هل تخطط الجزائر للخروج من الفرونكوفونية؟
تتحدث الكثير من التقارير الإعلامية الدولية عن التحول اللغوي الهام في الجزائر بعد عام من إطلاق السلطات الجزائرية برنامجاً تجريبياً لتدريس اللغة الانكليزية في المدارس الابتدائية لتحل محل اللغة الفرنسية التي تعتبر اللغة الثانية في المستعمرة الفرنسية السابقة بعد العربية فيما تأتي هذه الخطوات وسط حالة من البرود والشد والجذب في العلاقات بين البلدين.
وأوضحت صحيفة واشنطن بوست الأميركية في تقرير أن الخطوة المدعومة من الحكومة تسير في الطريق الصحيح ما يعكس تحولا لغويا نتيجة لمتغيرات جيوسياسية دولية ليس في الجزائر فقط وإنما في كامل إفريقيا على وقع انحسار النفوذ الفرنسي في منطقة الساحل والصحراء وكل القارة السمراء مع سقوط أنظمة موالية لها الواحد تلوى الآخر.
وكشفت الصحيفة أن “الطلاب العائدين إلى الفصول الدراسية للصف الثالث والرابع السنة الحالية سيشاركون في فصلين للغة الانكليزية مدتهما 45 دقيقة كل أسبوع”.
وتؤكد واشنطن بوست ان هذه الجهود تأتي في إطار الجهود المبذولة لدعم اللغة الانكليزية مقابل تهميش اللغة الفرنسية التي يتقن الجزائريون النطق بها.
وقد أشاد وزير التربية الجزائري عبدالحكيم بلعابد بهذه الجهود قائلا “تدريس اللغة الانكليزية هو خيار استراتيجي في سياسة التعليم الجديدة في البلاد.”
والجزائر من بين الدول الساعية إلى تغيير النهج اللغوي القديم من خلال التركيز على اللغة الانكليزية وهو ما اثار مخاوف كثيرة في باريس وهو ما رصدته وسائل الإعلام الفرنسية
وأكدت صحيفة ” لوفيغارو” الأسبوع الجاري أن الجزائر تواصل حملة القضاء على اللغة الفرنسية في المدارس الجزائرية مؤكدة انه ” بداية العام الدراسي الجديد، لن يتم تدريس البرامج المدرسية الفرنسية في المدارس الخاصة في الجزائر” وهو ما اعتبرته الصحيفة ضربة موجعة للنفوذ الفرنسي وللثقافة الفرنسية و”للفكر الفرنكفوني عامة.”
وأوضحت الصحيفة أن هنالك نية من السلطات الجزائرية لتشديد شروط الالتحاق بالجامعات الجزائرية للحاصلين على الشهائد الثانوية العامة الفرنسية في إجراء قيل إنه رد على تصرف مماثل من قبل باريس بحق الطلاب الجزائريين.
وبات النفوذ والتدخلات الفرنسية محل إدانة ليس من الجزائر فقط ولكن من دول أخرى مثل المغرب حيث تصاعد الخلاف المغربي الفرنسي على خلفية تداعيات زلزال الحوز وطريقة تناول الإعلام الفرنسي للحدث بعد رفض الرباط للمساعدات الفرنسية لاختراقها البروتوكولات المعمول بها.
وتعرف العلاقات الفرنسية الجزائرية كثيرا من الشد والجذب وسط حالة من البرود رغم الجهود لإنهاء التوتر عقب إعلان الرئيس الجزائري عبدالمجيد تبون أن زيارته الرسمية لفرنسا “لا تزال قائمة”.
والعلاقة بين الجزائر وفرنسا، القوة الاستعمارية السابقة (من 1830 إلى 1962)، مضطربة للغاية فمن توتر شديد إلى حديث عن سوء التفاهم، ظلت العلاقات الفرنسية تتقلب بين ذريعة وأخرى، لكن الواضح أن الأزمة الكامنة في علاقة وصفها تبون ذاته بأنها “متذبذبة”، لا تزال على حالها وان حاولت العبارات الدبلوماسية من الجانبين تغليفها بأسباب واعتبارات أخرى.
وأثار قرار الجزائر التمسك بمقطع الوعيد في نشيدها الوطني أزمة جديدة بين البلدين حيث عبرت وزيرة الخارجية كاثرين كولونا، عن استغرابها من إبقاء الجزائر للمقطع أثناء تأدية نشيد “قسما” خلال المناسبات والاحتفالات الرسمية.
كما تشكل مسألة ذاكرة الاستعمار الفرنسي في القرن التاسع عشر وحرب الاستقلال الجزائرية (1954-1962) إحدى النقاط الحساسة الكبرى في العلاقة بين باريس والجزائر، وقد تسببت بخلافات عديدة في السنوات الأخيرة.
وكثّف البلدان مؤخرا جهودهما للارتقاء بعلاقاتهما لكن حادثة هروب الحقوقية والمعارضة أميرة بوراوي قبل أشهر فجرت أزمة جديدة بين البلدين.
ووصف تبون في تصريح إعلامي سابق علاقة بلاده مع فرنسا بـ”المتذبذبة”، بينما أشارت تقارير إعلامية فرنسية إلى الجزائر انزلقت نحو الاستبداد والدكتاتورية على خلفية حملة القمع التي طالت العديد من النشطاء والمعارضين الجزائريين، مؤكدة أن وضع الحريات كان أفضل في عهد الرئيس الجزائري الراحل عبدالعزيز بوتفليقة.
من ناحية أخرى زار الرئيس الجزائري روسيا في الفترة من 13 إلى 17 يونيو/حزيران حيث استقبله نظيره الروسي فلاديمير بوتين بحفاوة وهو ما مثل رسالة إلى باريس.
ميدل إيست أون لاين