هل تستوعب الصين فائض إمدادات الغاز الروسي؟
من المرتقب أن تتفوق الصين على الاتحاد الأوروبي كمستورد رئيسي للغاز الطبيعي الروسي بعد بدء تشغيل خط أنابيب “قوة سيبيريا 2” بحلول عام 2030.
خط أنابيب “قوة سيبيريا 2″، سوف يجلب الغاز الطبيعي من حقل “يامال”، الواقع غربي سيبيريا، إلى الصين، أكبر مستهلك للطاقة في العالم، وأسرع مستهلك للغاز نموًا.
ويُعد حقل يامال، المصدر الرئيسي لإمدادات الغاز إلى أوروبا، كما تمثل سيبيريا أكبر مصدر للغاز الطبيعي في روسيا.
وخضع خط الأنابيب المذكور للفحص مؤخرًا بعد أن قرر الاتحاد الأوروبي التخلي عن المحروقات الروسية (النفط والغاز) في أعقاب اندلاع الحرب الروسية الأوكرانية في 24 فبراير/ شباط الماضي.
أدى الصراع، الذي دخل شهره العاشر، إلى حرب طاقة غير مسبوقة بين روسيا والقوى الغربية، ما زاد الضغط على أسواق النفط والغاز الطبيعي العالمية.
ـ تسقيف سعر الغاز الروسي
الدول الأوروبية، التي فرضت العديد من العقوبات على روسيا، وقررت حظر النفط الروسي المنقول بحراً بحد أقصى 60 دولارًا (57 يورو) للبرميل، تناقش فرض سقف سعر مماثل على الغاز الروسي.
إلا أن الاختلافات بين الدول الأعضاء، حالت دون اتخاذ القرار النهائي بهذا الخصوص.
في 2021، شهد التكتل واردات سنوية من الغاز من روسيا بنحو 155 مليار متر مكعب في المتوسط، بما يعادل نحو 45 بالمئة من إجمالي وارداتها من الغاز.
أثار سقف سعر الغاز الطبيعي الروسي، والذي من المتوقع أن يكون حوالي 200 يورو لكل ميغاواط/ ساعة، جدلًا في الاتحاد الأوروبي، ما أدى إلى انقسام الدول بين مؤيد، ومعارض مثل ألمانيا وبلجيكا وبولندا.
تعتقد ألمانيا أن وضع حد أقصى لسعر صادرات الغاز الروسي من شأنه أن يشكل تهديدات لأمن إمدادات الغاز الطبيعي، بينما ترى بلجيكا وبولندا وإيطاليا أن سقف الأسعار وسيلة لحماية المستهلكين من تقلبات الأسعار.
يبلغ سعر الغاز الطبيعي في منتصف ديسمبر/كانون الأول الجاري نحو 130 يورو لكل ميغاواط/ساعة، متراجعًا من 340 يورو لكل ميغاواط/ساعة، في أغسطس/ آب الماضي، وفقًا لنقطة تداول الغاز الطبيعي الافتراضية، ومقرها هولندا (TTF).
ومن المقرر أن يجتمع وزراء الطاقة في الاتحاد الأوروبي مجددا لمناقشة الحد الأقصى المحتمل للسعر.
– الصين.. السوق المستهدف الرئيسي لروسيا
وتعتزم روسيا، التي تعتمد بشكل كبير على أوروبا في صادرات الغاز الطبيعي، تعويض حصتها السوقية المفقودة في أوروبا عن طريق شحن الغاز الطبيعي إلى آسيا، وخاصة الصين.
وفي إشارة إلى تحول محتمل في خريطة الطاقة الروسية، قال الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، في 14 أبريل/ نيسان الماضي، إنه “أصدر تعليماته إلى الحكومة بالاستعداد لتحويل إمدادات موارد الطاقة إلى الشرق، على خلفية خطة الغرب لوقف شرائها”.
وبهذا الخصوص، قال نائب رئيس الوزراء الروسي ألكسندر نوفاك، في سبتمبر/ أيلول الماضي، إنه “من المتوقع أن تنخفض صادرات الغاز الطبيعي الروسية إلى دول الاتحاد الأوروبي بمقدار 50 مليار متر مكعب في 2022”.
يذكر أن “قوة سيبيريا1″، خط أنابيب التصدير الوحيد لروسيا إلى آسيا الموجود في الخدمة، لم يصل بعد إلى طاقته الكاملة.
ومن المخطط أن ينقل خط أنابيب “قوة سيبيريا1″، 38 مليار متر مكعب من الغاز الطبيعي من روسيا إلى الصين بمجرد وصوله إلى طاقته الكاملة، لكن هذا الحجم لا يمثل سوى 25 بالمئة فقط من المتوسط السنوي البالغ حوالي 155 مليار متر مكعب من الغاز الذي تم إرساله إلى أوروبا قبل الحرب.
وإلى جانب خط أنابيب “قوة سيبيريا1″، تخطط روسيا لبناء خط أنابيب ثاني (قوة سيبيريا2)، والذي من المتوقع أن تبدأ الأشغال به بحلول عام 2024، ويكتمل بحلول عام 2030.
وحسب التقديرات، يمكن ضخ عبر خط “قوة سيبيريا2″، 50 مليار متر مكعب من الغاز الطبيعي سنويًا، وبذلك يصل إجمالي واردات الغاز من روسيا إلى الصين إلى 88 مليار متر مكعب عندما يصل كلا خطي قوة سيبيريا إلى طاقتهما الكاملة.
ووفقا للاتفاقية المبرمة بين شركة “غازبروم” وشركة CNPC الصينية، يتم إجراء الصيانة الوقائية لمعدات وأنظمة “قوة سيبيريا” في ربيع وخريف كل عام.
و”قوة سيبيريا1″، عبارة عن خط أنابيب غاز يهدف لضخ الغاز الطبيعي من الحقول في الشرق الأقصى الروسي إلى الصين، وبدأت الإمدادات عبره إلى الصين في 2 ديسمبر 2019.
وتزود روسيا حاليًا الصين بنحو 10 بالمئة من وارداتها السنوية من الغاز عبر خطوط الأنابيب وسفن الغاز الطبيعي المسال، لكن مع التحسينات المخطط لها، ستصبح روسيا المورد الرئيسي للغاز للصين.
ـ إنتاج كبير ولكن الاستهلاك أضخم
وتستورد الصين حاليًا ما يقرب من 45 بالمئة من احتياجاتها من الغاز، التي تبلغ نحو 372 مليار متر مكعب سنويا، أنتجت منها 208 مليارات متر مكعب من الغاز الطبيعي، واستوردت أكثر من 160 مليار متر مكعب في 2021.
وتتلقى الصين ثلث غازها من خطوط الأنابيب، والباقي من الغاز الطبيعي المسال المنقول عبر السفن.
كما أنها استوردت 53.2 مليار متر مكعب من الغاز عبر خطوط الأنابيب العام الماضي، مقابل 109.5 مليار متر مكعب من الغاز الطبيعي المسال.
ومن بين موردي الغاز الطبيعي المسال للصين؛ أستراليا بـ 43.6 مليار متر مكعب، والولايات المتحدة بـ 12.4 مليار متر مكعب، وقطر بـ 12.3 مليار متر مكعب، وماليزيا بـ 11.7 مليار متر مكعب.
واستوردت البلاد 31.5 مليار متر مكعب من الغاز عبر خطوط الأنابيب من تركمانستان، و7.6 مليار متر مكعب من روسيا، و5.9 مليار متر مكعب من كازاخستان، و4.3 مليار متر مكعب من أوزبكستان، و3.9 مليار متر مكعب من ميانمار.
ويوجد في الصين 24 محطة لمعالجة الغاز الطبيعي المسال إلى غاية نوفمبر 2022، بإجمالي قدرة استقبال سنوية تبلغ 109.5 ملايين طن.
وتمتلك الدولة 15 محطة لتخزين الغاز، بطاقة إجمالية تبلغ 17 مليار متر مكعب من الغاز.
علاوة على ذلك، تعتزم بكين توسيع محطات معالجة الغاز الطبيعي المسال لديها، من خلال إضافة 34 محطة جديدة بحلول عام 2035، وبذلك ستصل السعة الإجمالية إلى 224 مليون طن.
وتقع غالبية محطات الغاز الطبيعي المسال في المدن الصينية الجنوبية والشرقية.