هل تقف “إسرائيل” خلف الهجمات الأخيرة ضدّ الجيش المِصري في سيناء؟
فجأةً، وبعد هُدوءٍ استمرّ عامين تقريبًا يُعلن المتحدّث العسكري في الجيش المِصري “عن مقتل عشرة جُنود وضابط أثناء التصدّي لهُجومٍ شنّته عناصر تكفيريّة على إحدى محطّات رفع المياه في مِنطقة غرب سيناء”.
آخِر هُجوم شنّته هذه العناصر كانَ في نيسان (إبريل) عام 2020 في مِنطقة “بئر العبد” شمال سيناء، أسفر عن مقتل وإصابة 10 جُنود وأعلن “تنظيم “الدولة الإسلاميّة” مسؤوليّته عن تنفيذه، الأمر الذي يطرح العديد من الأسئلة حول توقيت هذا الهُجوم، وبعد كُل هذا الهُدوء، والجهة التي تقف خلفه، وانتِقال هذه الهجمات إلى مِنطقة شرق قناة السويس، بعد أن كانت مُقتصرةً على مناطق الغرب (قُرب قِطاع غزّة) وشِمال سيناء؟
تُجمِع العديد من الآراء على اتّهام دولة الاحتِلال الإسرائيلي بالوقوف خلف هذا الهُجوم، وغيره من الهجمات المُماثلة، التي تستهدف الجيش المِصري في سيناء وغيرها، خاصَّةً أنه الجيش العربي الوحيد الذي ما زال قويًّا مُتماسِكًا، بعد تدمير الجيش العِراقي، وإنهاك الجيش السوري في الحرب الدمويّة المُستمرّة مُنذ 11 عامًا.
قد يُجادل البعض، بأنّ العُلاقات المِصريّة الإسرائيليّة قويّة هذه الأيّام، وهُناك تنسيق لافت بين الجيشين المِصري والإسرائيلي في سيناء على وجه الخُصوص، وهذا قد يبدو صحيحًا في العلن، ولكن في السِّر تبدو الصّورة مُختلفة كُلِّيًّا، فما زالت الدّراسات والأبحاث العسكريّة الإسرائيليّة تعتبر الجيش المِصري أحد الأخطار الكُبرى التي تُشَكِّل تهديدًا وجوديًّا لدولة “إسرائيل”، وأن تحسّن العُلاقات وتطوّرها العلني هو نَوعٌ من “التّكاذب” لا يعكس الحقيقة.
إدانة حركات المُقاومة في قِطاع غزّة، وخاصَّةً حركتيّ “حماس” و”الجهاد الإسلامي” وحركة “الإخوان المِصريّة أيضًا، للهُجوم الأخير على القوّات المِصريّة في سيناء، وفي بياناتٍ قويّة، يُؤكّد هذه الحقيقة المَذكورة آنفًا، رُغم وجود بعض الخِلافات خاصَّةً حول قُيود العُبور في معبر رفح، فهذه الفصائل تملك الكثير من المعلومات المُوثّقة التي تُؤكّد ما ذكرناه سابقًا.
من الصّعب علينا أن ننسى في هذه الصّحيفة الدّعم الإسرائيلي الفنّي والعسكري والمالي لسدّ النهضة الإثيوبي، ونصب منظومات صواريخ إسرائيليّة مُتطوّرة لحمايته تحسّبًا للجوء مِصر للخِيار العسكري، بعد فشل جُهود الوِساطة للوصول إلى حلٍّ سلميّ للأزمة لتجنّب المُواجهة العسكريّة على أرضيّة حِفظ مصالح الجميع المائيّة، والمقصود هُنا مِصر والسودان.
المعلومات المُتوفّرة لدينا في هذه الصّحيفة “رأي اليوم” تؤكّد أن الخِلافات المِصريّة الإسرائيليّة تتفاقم هذه الأيّام على أرضيّة “تجاهل” السّلطات المِصريّة طلبات إسرائيليّة بالتدخّل لدى فصائل المُقاومة لتكريس التّهدئة ووقف العمليّات العسكريّة التي زلزلت العُمُق الإسرائيلي واستهدفت مُدُنًا رئيسيّة مِثل تل أبيب والخضيرة، وبئر السبع، والسّبب هو مُعارضة هذه السّلطات للاستفزازات والاقتِحامات الإسرائيليّة في القدس والمسجد الأقصى المُحتل، وهي الاقتِحامات التي سبّبت حالةً من الغليان في أوساط الشعب المِصري من أحد أبرز الدّاعمين للقضيّة الفِلسطينيّة في الشّعوب العربيّة.
العُقوق الإسرائيلي، وإفشال كُل الوِساطات المِصريّة السّابقة عدم الالتِزام ببُنودها، خاصَّةً رفع الحِصار وبَدء عمليّة الإعمار في قِطاع غزّة، كلّها عوامل أحرجت الوُسطاء المِصريين أمام فصائل المُقاومة.
دولة الاحتِلال الإسرائيلي تُريد أن تظل مِصر ضعيفة، وجيشها مُستَنزف، ومُنهَك، ولهذا تُركّز على خاصرتها الأضعف في شِبه جزيرة سيناء بتسليح وتمويل بعض الجماعات “التكفيريّة”، حسب آراء العديد من المُحلّلين المِصريين الذين تواصلت معهم هذه الصّحيفة.
مُواجهة الأزمات الاقتصاديّة الطّاحنة تحتل قمّة أولويّات القِيادة المِصريّة، ولكنّ دولة الاحتِلال الإسرائيلي تُريد تفجير هذه الأزمات عبر تصعيبها، خاصَّةً مع اقتِراب المرحلة الثّالثة من ملء خزّانات سدّ النهضة في شهر تمّوز (يوليو) المُقبل، ويبدو أن صبْر هذه القِيادة على هذه المُؤامرات الإسرائيليّة قد بدأ ينفذ بشَكلٍ مُتسارع، أو هكذا نعتقد ونأمَل.. واللُه أعلم..