هل صنع الاعلام السوري الخاص إعلاما جديدا؟!
دمشق ــ خاص بوابة الشرق أوسط الجديدة:
بعد الاحتفال المهم الذي أقامته صحيفة الوطن المستقلة بعيدها العاشر في تشرين الثاني الماضي، هاهي إذاعة شام (F.M) الخاصة تحتفل بعيدها العاشر، وربما سيحتفل تلفزيون الدنيا الخاص أيضا بعيده العاشر لأنه انطلق في عام 2007 من بيت صغير في حي الطلياني بدمشق، أي أن الاعلام الخاص يدشن مرحلة مهمة من أدائه مر عليها عقد من الزمن، وشمل هذا الإعلام نماذج من الإعلام المرئي والمسموع والمكتوب !
والحديث عن الاعلام الخاص يفرض علينا البحث عن علاقته مع الاعلام الرسمي، فهل أضاف الإعلام الخاص للإعلام الرسمي شيئا، هل تمكن من منافسته، ثم إلى أي حد تشابه الإعلام الخاص مع الاعلام الرسمي، فوقع في المطب نفسه؟
هناك ملاحظات ، تحدث عنها كثيرون ممن كتبوا عن الموضوع، أو ممن تحدثوا فيه في جلسات عامة أو خاصة، فقد انتقلت أمراض كثيرة من الاعلام الرسمي إلى الإعلام الخاص لمجموعة أسباب، من أهمها أن الاعلام الخاص بنى مرحلة الاقلاع على خبراء أو مهنيين من الإعلام الرسمي، ورغم المحاولات الكثيرة لتحديث أدائه والخروج بمظهر مستقل، فإنه لم ينجح كثيرا في ذلك، ويرى اصحاب وجهة النظر المغايرة أن مرد ذلك لا يعود إلى الإعلاميين بقدر ما يعود إلى النهج الذي تتعامل به الحكومة مع الاعلام بشكل عام، بقسميه الرسمي والخاص، وشكل الهيمنة المفروض على الطرفين!
وعندما زار رئيس الحكومة السوري مقر صحيفة الوطن المستقلة في المنطقة الحرة بدمشق قبل أيام كتب رئيس تحريرها وضاح عبد ربه “أن خطوة رئيس الحكومة تضع حداً للجدل القائم حول علاقة الحكومة بالإعلام.. فالمهندس (عماد) خميس أراد من خلال جولته على الإعلام الخاص إعادة هندسة علاقة الحكومة مع الإعلام ووضع النقاط على الحروف تجاه أسلوب صياغة الخبر والحصول على المعلومة وتوعية المواطن السوري بحيث يكون قادراً وحده على فرز الخبر الصحيح من المفبرك مؤكداً في الوقت ذاته وموجهاً مكتبه الإعلامي بأن يكون جاهزاً على مدار الساعات الأربع والعشرين للإجابة عن استفسارات الإعلام ونفي أو تأكيد أي خبر يتم ترويجه على وسائل التواصل الاجتماعي أو في غيرها..”
وهذه النقطة هي المفتاح الحقيقي للإجابة على كل الاسئلة، فهذا يعني اعترافا بأن جدلا يدور حول علاقة الإعلام بالحكومة، فهل ينبغي للحكومة أن تكون الخصم والحكم بآن واحد، وهل ترتكز العلاقة بينها وبين الاعلام على الأسس الموضوعة في الدستور السوري وقانون الاعلام؟
المسألة تكمن أساسا في عجز الإعلام الخاص والرسمي معا عن الخروج من العباءة الحكومية، وبالتالي إعلام البروباغندا، إذ كيف لإعلام أن ينتقد الحكومة، وهي التي تموله أو تمنحه الترخيص، وإليها مرجعيته ، وبيدها زمام أمور المؤسسات المتعلقة بأدائه، وهنا يعرف الجميع أن الحكومة لاتقدم المعلومات المطلوبة إلا وفقا لمصلحتها، وتحظر الكتابة بموضوعات قد تؤثر على سمعتها وأدائها كما حصل مؤخرا مع الاعلام الإلكتروني عندما لوحت جهات حكومية بإحالة الصحفي إلى القضاء بحجة المساس ب((هيبة الدولة)) ثم تراجعت عن هذه الخطوة وفقا لتوجيهات عليا صريحة قالها رئيس الجمهورية في اجتماع حكومي ترأسه بنفسه!
على هذا الأساس، ووفقا لهذين المعطيين ، كيف ستقوم الحكومة الحالية بهندسة علاقة جديدة تتجه نحو أسلوب مهني للعلاقة العتيدة ترضى عنه الحكومة؟!
لقد زار رئيس الحكومة أيضا إذاعة شام الخاصة واجتمع مع كادرها، كما زار تلفزيون الدنيا الذي أطلق أيضا قناة سما الفضائية، واجتمع مع كادره. وكان واضحا أن الهدف الحكومي من هذه الجولة، هو كسر حدة السخونة التي تمظهرت في الشهر الماضي بنوع من التصادم ، والوصول إلى أداء منسجم مع تطلعات رئيس البلاد، وهنا يعيد الصحفيون طرح السؤال من جديد : كيف يبنى هذا الانسجام وفق ظروف لم تتغير؟!
إن إقدام الحكومة السورية على حل المجلس الوطني للإعلام قبل نحو عام كان خطوة خاطئة لم ينتبه إليها الاعلاميون السوريون، وبالتالي لم يقفوا ضدها، على أنها تمس جوهر التطور الذي حصل على صعيد منح صلاحيات لإعلام لم تكن موجودة قبل دستور عام 2012 الذي أراد أن يدفع بالإعلام الرسمي والخاص لتحقيق قفزة كبرى تليق بطموحات التغيير التي يسعى إليها، وببساطة تمكن القرار الذي ألغى المجلس الوطني للاعلام وأحال صلاحياته لوزارة الاعلام نفسها تمكن من إعادة الأمور إلى الوراء ، فيما ظل الدستور واضحا يطمح إلى رؤية جديدة عصرية ؟!
الأسئلة نفسها يتداولها الصحفيون ، وفي طموحاتهم نقاط علام كثيرة لبناء مستقبل آخر للإعلام السوري، وبصراحة هناك تشاؤم حيال هذه النقطة !!