هل يتورط الأردن في معركة “غزو الجنوب السوري” عبر درعا؟ (ماهر الخطيب)

 

ماهر الخطيب

منذ بدء الأحداث السورية، يكثر الكلام عن الجبهة الجنوبية التي تقع على الحدود مع الأردن، لا سيما أن هذه الأحداث إنطلقت من محافظة درعا الحدودية، وفي الأيام الأخيرة هدد أكثر من قيادي في صفوف قوى المعارضة السورية بفتح هذه الجبهة من أجل التقدم باتجاه العاصمة دمشق. وفي هذا الوقت، برز التحذير الروسي عبر مجلس الدوما، في ظل المعلومات عن سعي المملكة العربية السعودية إلى شراء أسلحة متطورة من باكستان من أجل تقديمها إلى فصائل المعارضة المسلحة، أبرزها منظومة صواريخ مضادة للطائرات، ولكن هل هذا الأمر يعني تورط السلطة الأردنية في المعركة بشكل مباشر؟
وفي هذا السياق، تشير مصادر مطلعة إلى أن الهدف من فتح هذه الجبهة هو تخفيف الضغط عن منطقة جبال القلمون السورية، التي تشهد معارك عنيفة منذ أشهر طويلة، وكذلك تهديد العاصمة السياسية للنظام بعد أن فشلت قوى المعارضة في محاصرتها في السابق.
وترى المصادر المطلعة، في حديث لـ"النشرة"، أن الهدف من الضغط على النظام دفعه إلى الذهاب نحو الجولة المقبلة من مؤتمر جنيف بشروط تُفرض عليه، وبالتالي إجباره على تقديم المزيد من التنازلات على طاولة المفاوضات، الأمر غير الوارد حتى الساعة من جانبه بأي شكل من الأشكال.
ولا تنفي هذه المصادر المعلومات عن وجود حشد عسكري كبير على هذه الجبهة، مع كشفها عبر "النشرة" عن تشكيل غرفة عمليات مشتركة سعودية أردنية تركية أميركية منذ أشهر في سبيل تحقيق هذه الغاية. وترى المصادر أن معركة دمشق، التي يجري الحديث عنها، ستكون الوجه الآخر لمؤتمر جنيف الذي فشل في إجبار الرئيس السوري بشار الأسد على تقديم أي تنازل، لا بل سمح له بكسر العزلة التي كانت مفروضة عليه على الصعيدين الدبلوماسي والإعلامي.
وعلى صعيد متصل، تؤكد المصادر نفسها أن أمر تزويد "الجيش السوري الحر" بالسلاح النوعي لم يعد موضع نقاش، فالقرار اتخذ، وهو قيد التنفيذ، ويأتي في سياق تقديم جرعة دعم قوية إلى قوى المعارضة التي تعمل على ترتيب أوضاعها في هذه المرحلة تحضيراً لساعة الصفر.
في الجهة المقابلة، لا تنفي مصادر سورية مقربة من النظام حذرها ممّا يتم الإعداد له، لكنها تؤكد أن القيادة السياسية تضع من البداية كل الإحتمالات في الحسبان، وتشير إلى أن وحدات الجيش جاهزة لصد أي هجوم كما فعلت في السابق.
وتشير هذه المصادر إلى أن الهدف كان أكبر من ذلك بكثير، حيث تلفت إلى أن المعلومات التي لديها تؤكد أن خطة الفريق الآخر كانت تنص على تأمين منطقة آمنة لقوى المعارضة تمتد من القنيطرة في الجولان إلى درعا، وتوضح أن الجانب الإسرائيلي لم يكن بعيداً عن هذا المخطط، وتلفت إلى الزيارة التي قام بها رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو إلى المستشفيات الميدانية التي يعالج فيها عناصر من الفصائل السورية المعارضة، إلا أنها تؤكد أن هذا المخطط سقط بعض أن سيطرت وحدات الجيش النظامي على عدد من القرى والبلدات في الأيام الأخيرة. وعلى الرغم من تأكيدها أن الأوضاع السورية مريحة إلى حد ما، لا تنفي المصادر أن هذا المخطط لا يزال قائماً، لكنها تطرح علامات أساسيّة حيال الإستعداد الأردني للتورط فيه، خصوصاً أن حدوده هي بوابة العبور له، وتشير إلى أن هناك خلافات في مركز صنع القرار في المملكة الهاشمية حول هذا الموضوع، في ظل ضغوط كبيرة تمارس من السعودية بشكل أساسي، وتؤكد أن الجيش لا يريد التورط لأنه يعلم أن الجانب السوري قد يرد بشكل حازم، في حين هو لن يكون قادراً على القيام بأي أمر، لا بل لديه مخاوف من إستغلال بعض الحركات الإسلامية المعارضة من أجل الإنقضاض على نظام الحكم.
وفي الوقت الذي تؤكد فيه المصادر أن لديها قناعة بأن هذه الجبهة لن تفتح، وأن الهدف من التهديد إستمرار الضغط السياسي والإعلامي لا أكثر، ترى أن التداعيات على الجانب الأردني ستكون أكبر على مختلف الصعد الإقتصادية والسياسية والإجتماعية، وتدعو إلى التنبه جيداً من هذا الأمر، خصوصاً أن الوضع السوري بات مختلفاً كلياً عما كان عليه في السابق.
تجدر الإشارة إلى أن الكمين الذي نفذه الجيش السوري، يوم أمس، وأدى إلى سقوط أكثر من 150 المسلحين على تخوم الغوطة الشرقية، إستهدف بحسب المعلومات مجموعات كانت تتجه إلى درعا.
في المحصلة، هناك جبهة جديدة يتم التهديد بفتحها من قبل قوى المعارضة السورية المسلحة، ولكن هل سيتورط الأردن في هذه الحرب أم أنه سيكون بعيداً عنها، خصوصاً أن هناك معلومات تؤكد أن الهدف الأساس هو منطقة الجولان وليس درعا؟

الالكترونية اللبنانية

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى