هل يعيد فوز ترامب الدفء للعلاقات الأميركية الخليجية
من المتوقع أن يعيد فوز الجمهوري دونالد ترامب بانتخابات الرئاسة في مواجهة الديمقراطية كامالا هاريس، الدفء للعلاقات الأميركية الخليجية التي شهدت في عهد الرئيس الحالي المنتهية ولايته جو بايدن فترات من الفتور والتوتر على خلفية خلافات على أكثر من محور هي في الأصل خلافات ممتدة مع كل إدارة ديمقراطية.
ورغم أنه لا يمكن التنبؤ بمواقف ترامب المعروف بارتجاليته وتقلباته، إلا أن الكفة تميل لتعزيز الشراكات مع الحلفاء الخليجيين استنادا لما كان في عهد ولايته الرئاسية السابقة والتي عرفت فيها العلاقات الثنائية مستوى أفضل بما هو الحال عليه في عهد الرئيس المغادر (بايدن).
وبدا ترامب في حملاته الانتخابية أكثر هدوء وبراغماتية في حديثه عن ملفات الشرق الأوسط، على خلاف المعسكر الديمقراطي الذي كانت رؤيته للكثير من الملفات ضبابية أو مربكة سواء في ما يتعلق بالملف اليمني أو الإيراني أو الأزمة في الشرق الأوسط أو العلاقات مع العراق والملف الأفغاني.
وتوحي عودة قطب العقارات الأميركي للبيت الأبيض بعد فوزه في الانتخابات بفتح صفحة جديدة في التعاون بين الولايات المتحدة والدول الأكثر نفوذا وثراء في منطقة الخليج، لا سيما وأنه أبرم معها العديد من الاتفاقيات التجارية بملايين الدولارات، بينما شاركو في دبلوماسية هادئة من خلف الكواليس.
وهنأ العاهل السعودي الملك سلمان بن عبدالعزيز وولي عهده الأمير محمد الأربعاء ترامب بفوزه في الانتخابات الرئاسية الأميركية، بحسب ما أفاد الإعلام الرسمي.
وبعث الزعيمان برسالتي تهنئة إلى ترامب الذي أقام علاقات وديّة مع المملكة الخليجية خلال ولايته الأولى، فأشاد الملك سلمان بـ”تميز العلاقات التاريخية الوثيقة القائمة بين البلدين والشعبين الصديقين، والتي يسعى الجميع لتعزيزها وتنميتها في المجالات كافة”.
كما بعث رئيس دولة الإمارات الشيخ محمد بن زايد آل نهيان برقية تهنئة إلى ترامب بمناسبة فوزه في الانتخابات الرئاسية.
وقال الشيخ محمد في منشور على منصة “إكس” “أهنئ دونالد ترامب ونائبه جيمس ديفيد فانس بالفوز في الانتخابات الرئاسية الأخيرة، متمنياً لهما التوفيق في خدمة الشعب الأميركي الصديق”.
وتابع “على مدى أكثر من خمسة عقود، ترتبط دولة الإمارات والولايات المتحدة بعلاقات إستراتيجية وثيقة وشراكة تنموية متطورة محورها اقتصاد المستقبل، ونتطلع إلى مواصلة تعزيز هذه الشراكة خلال الفترة المقبلة لمصلحة بلدينا وشعبينا”.
ويتوقع أن تدشّن عودة ترامب إلى البيت الأبيض مرحلة جديدة في الشراكة بين الإمارات والولايات المتحدة، فيما جدد البلدان خلال الزيارة التي أداها الشيخ محمد إلى واشنطن في سبتمبر/أيلول الماضي الالتزام برؤية استراتيجية لتعزيز العلاقات الاقتصادية والتكنولوجية.
وينتظر أن يطوي فوز ترامب في الانتخابات الرئاسية صفحة الخلافات التي طرأت على العلاقات الخليجية الأميركية على خلفية عدد من الملفات تتصدرها سياسة خفض الإنتاج النفطية، بينما أثار التعاون المتنامي بين دول الخليج والصين مخاوف واشنطن من فقدان مصالحها في منطقة حيوية بالنسبة إليها.
وفي عدة مناسبات منذ مغادرة ترامب للبيت الأبيض، أجرى جاريد كوشنر صهر ترامب عدة مناقشات دبلوماسية مع ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان كما حضر بطولة كأس العالم لكرة القدم 2022 التي استضافتها قطر.
وأبرمت مؤسسة ترامب صفقات تجارية مع حلفاء رئيسيين في المنطقة بما في ذلك الرياض وأبوظبي وسلطنة عمان وأعلنت في يوليو/تموز أنها ستتعاون مع شركة دار غلوبال السعودية العالمية لتطوير العقارات الفاخرة لبناء برج يحمل علامة ترامب التجارية في دبي، كما أبدت الدار في الشهر نفسه أيضا أنها تعمل مع مؤسسة ترامب لتطوير برج بعلامة ترامب في جدة.
وفي عام 2022 وقعت الشركة اتفاقية مع مؤسسة ترامب لاستخدام علامتها التجارية في مشروعها الذي تبلغ تكلفته أربعة مليارات دولار في عُمان والذي يتضمن ملعبا للجولف وفندقا وفيلات.
وحافظ حلفاء رئيسيون لترامب أيضا على علاقات تجارية مع القوى الخليجية منذ ترك المنصب في 2021. وكانت دينا باول ماكورميك التي شغلت مناصب مختلفة داخل إدارة ترامب بما في ذلك عملها لفترة نائبة لمستشار الأمن القومي، من بين أصحاب الخبرة في “وول ستريت” الذين تم تعيينهم للعمل في الطرح العام الأولي لشركة أرامكو السعودية في عام 2019. وهي الآن مسؤولة تنفيذية في “بي.دي.تي اند إم.إس.دي بارتنرز” وشاركت في مؤتمر مبادرة مستقبل الاستثمار الذي عقد في السعودية في أكتوبر/تشرين الأول 2024 الماضي وشكل حدثا رائدا للترتيب لإبرام صفقات.
وكان كين موليس المصرفي الذي سبق أن عمل لصالح لترامب والمؤسس والرئيس التنفيذي لبنك الاستثمار موليس اند كومباني من بين الذين تم اختيارهم للعمل في الطرح العام الأولي لأرامكو. وشارك هو الآخر في مؤتمر مبادرة مستقبل الاستثمار.
وزار ستيف منوتشين المسؤول التنفيذي السابق بشركة جولدمان ساكس والذي كان وزيرا للخزانة خلال إدارة ترامب قطر والسعودية والإمارات عدة مرات منذ ترك منصبه في عام 2021. وتلقى صندوق ليبرتي ستراتيجيك كابيتال الذي أنشأه منوتشين دعما من مبادلة، أحد صناديق الثروة السيادية في أبوظبي، وصندوق فيجن التابع لسوفت بنك.
ويقول محققون تابعون للكونغرس إن السعودية استثمرت ملياري دولار في “أفينيتي بارتنرز” وهو صندوق استثمار خاص أسسه جاريد كوشنر بعد مغادرة البيت الأبيض. كما استثمرت صناديق ثروة من الإمارات وقطر مئات الملايين من الدولارات في الصندوق، وفقا لصحيفة “نيويورك تايمز”.
وصرح إيريك ترامب، أحد أبناء الرئيس السابق، لصحيفة “فاينانشال تايمز” في يوليو/تموز بأن مؤسسة ترامب تتطلع للسعي لإبرام المزيد من الصفقات في الشرق الأوسط. كما سافر دونالد ترامب الابن، النجل الأكبر للرئيس السابق، إلى عُمان ودبي في يونيو/حزيران.
وهنأ العديد من قادة الدول حول العالم دونالد ترامب اليوم الأربعاء بعد إعلان فوزه في الانتخابات الرئاسية حتى قبل صدور النتائج النهائية رسميا.
ووجه أمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني تهنئة إلى دونالد ترامب، قائلا في رسالة عبر منصة “إكس” إنه يتطلع “إلى العمل معا مرة أخرى لتقوية علاقتنا وشراكتنا الإستراتيجية، وتعزيز جهودنا المشتركة في إرساء الأمن والاستقرار بالمنطقة والعالم”.
بدوره هنّا الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي ترامب بفوزه في الانتخابات الرئاسية، معربا عن تطلعه للعمل “سويا” على إحلال “السلام والحفاظ على السلم والاستقرار” في الشرق الأوسط.
كما هنأ العاهل الأردني الملك عبدالله الثاني دونالد ترامب وقال عبر منصة “إكس” “أتطلع إلى العمل معك مجددا لتعزيز الشراكة الطويلة الأمد بين الأردن والولايات المتحدة، في خدمة السلام والاستقرار الإقليمي والعالمي للجميع”.
كما وجه الرئيس الفلسطيني محمود عباس الاربعاء التهنئة لترامب آملا ان يدعم “التطلعات المشروعة” للشعب الفلسطيني.
وأعرب في برقية تهنئة بحسب وكالة الانباء الرسمية (وفا) عن “تطلعه إلى العمل معه من أجل السلام والأمن في المنطقة”، مضيفا “سنظل ثابتين في التزامنا بالسلام، ونحن على ثقة بأن الولايات المتحدة ستدعم تحت قيادتكم التطلعات المشروعة للشعب الفلسطيني”.
وهنأ رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني المرشح الجمهوري بفوزه معربا عن أمله في “تعزيز العلاقات الثنائية” خلال “المرحلة الجديدة”.
وكتب السوداني على منصة اكس “نؤكد التزام العراق الثابت بتعزيز العلاقات الثنائية مع الولايات المتحدة ونتطلع لأن تكون هذه المرحلة الجديدة بداية لتعميق التعاون بين بلدينا في مجالات متعددة، بما يسهم في تحقيق التنمية المستدامة ويعود بالنفع على الشعبين الصديقين”.
وأعربت حكومة طالبان في أفغانستان الاربعاء عن أملها في “فصل جديد” في العلاقات مع الولايات المتحدة إثر انتخاب دونالد ترامب لولاية جديدة، علما أنه كان وقع اتفاق سلام مع طالبان خلال ولايته الاولى رئيسا.
وأمل المتحدث باسم الخارجية الافغانية عبدالقهار بلخي عبر منصة اكس في إحراز “تقدم ملموس في العلاقات”، مؤكدا أن كابول وواشنطن “تستطيعان فتح فصل جديد”.
ميدل إيست أون لاين