هناك عند الغوطة ، وهنا في قلب دمشق !
دمشق ــ بوابة الشرق الأوسط الجديدة :
لا تُخفي الحرب في سورية أنيابها، فكل الحروب ترتدي ملابس بلون الدم وتنتج دمارا وموتا وهلعا وفقرا وجوعا وتشردا وانهيارات في البنى الاقتصادية والاجتماعية والنفسية، ومثلها الحرب في سورية وليس من حاجة لشرح ما أنتجته حتى الآن..
وطالما أن ثمة سعيا لحل سياسي بعد السنوات السبع التي مرت، فلن يكون التصعيد الذي نراه مفاجئا لأنه تصعيد متوقع يحصل غالبا أثناء المفاوضات لإنهاء الحروب ومحاولات البحث عن حصص لأطراف خارجية تتداخل مع الحرب سواء بإشعالها، أو لمصالح تتعلق بالمرحلة القادمة من التسويات. وسورية على كل حال في صلب النزاع العالمي القائم على مدار مئتي سنة مرتا سريعا على المنطقة!
ومؤخرا، اشتعلت جبهة الغوطة، وقبل اشتعالها كان هناك خطوات مهمة للحل (مؤتمر سوتشي)، واشتعال جبهة الغوطة أعاد سكان دمشق لأيام الحرب الصعبة حيث دوي المعارك يترامى من الجهة الشرقية أو جهة مخيمات الفلسطينيين في اليرموك وفلسطين والحجر الأسود، وكان ذلك الدوي يترافق مع تساقط قذائف الهاون والرصاص المتفجر في سماء المدينة !
إن هذا التوصيف الشكلي لتصاعد الحرب في لحظات البحث عن حل، لا يلغي خطورة الحدث القادم في جهة الغوطة الشرقية، ففي الغوطة الشرقية عشرات القرى والمدن التي تتصل بدمشق عبر التاريخ بشكل يومي، بل إن بعضها تحول مع توسع العاصمة إلى جزء منها كما هو الحال بين ساحة العباسيين وجوبر، وكثيرا مايجري الحديث عن نصف مليون نسمة تتجمع فيها !
وهذا التجمع السكاني، إضافة إلى وجود بيئة زراعية مع تدفق دعم مالي كبير من القوى الخارجية الداعمة للحرب في سورية جعل بالإمكان تشكيل قوى مسلحة، نمت خلال الحرب، وهي تقلق العاصمة دمشق باعتبار دمشق الممثل الشرعي للدولة السورية في عرف القانون الدولي وحتى في جنيف وفيينا وأستنة وسوتشي !
والقوى أو المجموعات المسلحة تحولت إلى جيوش، وتذكر المصادر أربعة منها هي :جيش الاسلام وفيلق الرحمن وهيئة تحرير الشام وحركة أحرار الشام. وفي تقارير متضاربة يجري الحديث عن أعداد كبيرة في صفوف هذه المجموعات الرئيسية تصل إلى أكثر من عشرة آلاف مقاتل في بعضها. أي أن رحى أي حرب عند تخوم دمشق ستكون دامية ومدمرة وكبيرة التداعيات، وإشاراتها واضحة عند كل تصعيد يحصل في هذه المنطقة!
فلماذا الغوطة الآن ؟ ولماذا تستدعي المعارك التي لم تبدأ بعد في الغوطة كل هذا الضجيج الدولي والتحرك الواسع في أروقة مجلس الأمن والأمم المتحدة؟ وهل صحيح أن ثمة ربطا ميكانيكيا بين مايجري في الغوطة ومايراد له أن يجري في عفرين ومنبج ومنطقة شرقي الفرات التي تتمترس وراءها أميركا وتطرح تسريبات عن مشروعات لتقسيم سورية حل وقته كما ترى أميركا في الوثيقة التي كشف عنها مؤخرا نتيجة اجتماع أمريكي فرنسي بريطاني أردني ؟
عند السوريين طرفة قدمتها الكوميديا السورية، تقول : إذا أردت أن تعرف ماذا في إيطاليا عليك أن تعرف ماذا في البرازيل. فهل نستلهم من الكوميديا قاعدة تقول : إذا أردت أن تعرف ماذا في الغوطة عليك أن تعرف ماذا في عفرين؟!
لقد وقعت مذيعة قناة العربية نجوى قاسم في حالة دهشة مفرطة، وهي تستمع إلى إجابة نوري المحمود المسؤول الإعلامي للوحدات الكردية على سؤال حول دخول الجيش السوري إلى عفرين وتأكيده أن على الجيش السوري أن يحمي السوريين في عفرين لذلك تمت دعوته لدخول عفرين لحمايتها من العدوان التركي!
هذا يعني أن السوريين يريدون سورية بعد سبع سنوات من الحرب، فماذا يريد الآخرون منها؟ ومن يقف في وجه هذه الإرادة ؟ هل هي أميركا أم إسرائيل أم بعض العرب؟
واقعيا وصلت الحرب السورية إلى نقطة حاسمة فيها. فكل المتداخلين فيها يريدون حلا، ولكي يصنعون هذا الحل عليهم تغيير موازين القوى في كل الجبهات، ولكي تتغير موازين القوى، لابد من الحرب !!