وثيقة من وثائق الثقافة السورية : ماذا كتب علاء كوكش لسعد الله ونوس؟!
خاص ــ دمشق
لم تعد قامات الثقافة السورية في هذه الآونة تتفاعل فيما بينها كما كانت قامات الأجيال السابقة، فهناك قطيعة بين المثقفين، أقل مايقال فيها أنها لاتنم عن أمل، فكيف إذا وصلت هذه القطيعة إلى استبدال الانشقاق والمجابهة بديلا عن التفاعل والحوار؟!
المخرج السوري المعروف علاء الدين كوكش، كشف قبل أيام عن مراسلة قصيرة جرت بينه وبين الكاتب المسرحي الراحل سعد الله ونوس، يتحدث فيها عن شواغله تجاه فقرات يقرؤها في كتاب لعبد السلام بن عبد العالي ، والجميل في هذه الوثيقة التي تعود إلى 25 /10/1997 هو الاهداء المقتضب والمهم للكاتب المسرحي المذكور، الذي يتطابق مع وجهة نظر مثقف عربي آخر هو عبد السلام ..
وهنا لابد من التذكير إلى العلاقة الوطيدة التي كانت تربط بينهما، وخاصة حين أخرج علاء الدين كوكش مسرحية حفلة سمر من أجل 5 حزيران لسعد الله ونوس والتي أثارت الرأي العام السوري، ثم العربي في حينها ..
ونظرا لقصر نص هذه الوثيقة ننشرها كما أوردها المخرج علاء الدين كوكش:
” اسمع سعد الله…
كنت أقرأ منذ أيام كتاب (بين..بين) لعبد السلام بن عبد العالي فوصلت إلى صفحة منه، يتحدث فيها عن جيلنا ويقول: (جيل الشباب العربي الذي كان أنهى دراسته الجامعية في بداية الستينيات، والذي يبلغ الآن معظم أفراده سن الستين، هو جيل التضحيات بلا منازع، إن لم نقل إنه الجيل الضحية).
وتذكرت…
نحن الجيل الذي ولد إبان الحرب العالمية الثانية، وفي ظل الاستعمار طفولتنا سرقتها إسرائيل منا حين سرقت فلسطين، وتتالت علينا الانقلابات العسكرية؛ فقد أصبح تحرير فلسطين قميص عثمان يرفعونه للوصل إلى السلطة. ورمت مراهقتنا دون صوت… فقد كان (لا صوت يعلو على صوت المعركة) هو الشعار السائد.
خلالها أينعت زهرة واحدة فقط، هي زهرة الوحدة مع مصر ولكنهم سحقوها بسرعة… وحين بدأنا مرحلة الشباب قدموا لنا أكبر صدمة في حياتنا هي هزيمة حزيران 1967 فكبرنا قبل أواننا. وكان علينا أن نقضي بقية عمرنا ونحن نناضل على كل الجبهات كي ندفع عن أنفسنا الهزيمة التي بدأت تغزونا من الداخل.
وأعود إلى الكتاب لأقرأ عن جيلنا: (صحيح أن من بينه شبابا يئس من طول النضال ولانهائية الطريق.. لكن معظمه ظل يزرع من غير حصاد، ويغرس من دون قطاف… ذلك أن هذا الجيل لم يطمع كثيراً في جني الثمار، بقدر ما حرص أن يخرج ما أمكن من كل مرحلة “نظيف الأيدي” نقي الضمير، طاهر القلب) وهذا هو بالضبط ما كتبته لي بإهدائك الشخصي لمسرحيتك (ملحمة السراب) عام 1996:
(الغالي علاء الدين كوكش :
انحط الزمان، وشملتنا غيمة التخلف والاكتئاب.
ومع هذا بقينا مخلصين لتلك الصبوة، ولتلك الأيام الحافلة بالعمل والحلم والنزاهة
ولهذا لم يكن عمرنا سراباً.
مع حبي وتقديري… سعد الله ونوس)
شكرا يا سعد الله على كل ما قدمته لجيلنا وللأجيال القادمة.
25-10-1997
التوقيع : علاء الدين كوكش