يوميات
“خبز الحروب…وليمة “
ـ 1 ـ
قالت: ” ينقص هذا البيت…” (وقد عثرنا عليه بصعوبة لإيواء ما تبقّى فينا من رغبات، وجمال، وعيش)…”ينقص هذا البيت نافذة”.
قلت: نرسمها .
ـ 2 ـ
أن يطفئوا السجائر في خاصرتي (وقد فعلوا) أفضل من أن أشحد السجائر في المنفى (ولم أفعل)
لكن الذاكرة، هذه المرة، ليست للنسيان.
ـ 3 ـ
البطولة…أن تذهب إلى الموت، وأنت بكامل حياتك …
إذا كان لا بد من الموت.
ـ 4 ـ
وجهك… لا ينساه من ابتسمت له ، مرة ذات صباح بعيد.
وجهك… من يملأ منه خبز رحلته المسافر.
وجهك…العاطفي، السخي، الجميل، المضيء،
المليء غموضاً واضحاً… وجهك الطائر.
ـ 5 ـ
حسرات مرحة، كفاصل موسيقي.
حزن خفيف، كورق الشجر يتهاوى بين الريح والرائحة.
أفراح مؤجلة، وليست ملغاة، فاتفاق البشر مع الله ألا يكون الإنسان حرداً، طوال الوقت، لأنه لم يتلق من السماء المساعدة.
ثلج بدون بلودان، والزبداني، والجولان، وجبل الشيخ،
و…مرتفعات روح السوريين…
لا يعول عليه وليس أبيض أبداً.
ـ 6 ـ
” الحب أقوى من الحرب”
هذا ما حدث في يوم الصواريخ على دمشق.
حضرنا فيلم “العاشق” للمخرج السوري عبد اللطيف عبد الحميد.
نوع الحب في الفيلم ، أقوى من أنواع الصواريخ في الواقع !
ـ 7 ـ
المدن، عندما تخاف، تشبه يتيماً في شارع ذابل وفاضي ومقصوف…
تشبه ذاكرة دمشق.
نزلت إلى الشام أتفقد “قلعة السأم”…مقهى الروضة.
نزلت على المدينة المزيد من القنابل.
دمشق وغوطتها، لأول مرة في التاريخ، تتحاربان.
ـ 8 ـ
وجه شاب صغير، بين مجموعة وجوه منقولة في سيارة مكشوفة من “سجن عدرا”…لا ينسى.
وجه شاب صغير، أسير بين مجموعة أسرى من حلب…لا ينسى.
وجه شاب صغير ميت، وهو يبتسم من شفة دامية هازئاً… وجه لا ينسى.
……………..
وجه شاب، بنفس أعمار الشباب هؤلاء…نهرني اليوم ـ أنا العجوزـ كي أفسح له رصيف المشاة ليصف سيارته الجيب الفاخرة المفيّمة، بلا لوحة… شيء لا ينسى !
ـ 9 ـ
لا بد أن هناك، في هذا الكون، يداً تدفىء يداً مجاورة، في ضواحي قلب الإنسان.