يوميات عائلية (1)
غادر البيت معكّر المزاج ، سار متمهلاً دون غاية ، دون هدف ،دون رغبة بالكلام مع أي إنسان ! فقد أُفلتت منهما الكلمات دون وعي متناثرة في أرجاء الغرفة بعد مشاجرة معها، صارت مشاجراتهما شبه دائمة، كادت تصبح جزءاً من حياتهما اليومية، في كل مرّة يتهم أحدهما الآخر بأنه هو المسؤول عن تلك الخلافات والمشاكل التي لا تنتهي.
هي تقول له: أنتَ أصبحت عصبياً، تخلق المشاكل، تغضب بسرعة، يعلو صوتك، لم نعد نتفاهم، لقد سئمت من حياتي معك ، تغيرت مشاعرك نحوي ، لم تعد تحتمل مني هفوة ، أصبحت كثير الغلبة ، تتدخل في كل صغيرة وكبيرة ، لم تعد الحياة تطاق معك ، أنا أكرهك ، أريد الطلاق !
هو يرّد الصاع صاعين فيردّ عليها: بل أنت أصبحت مهملة، كسولة، قليلة الاهتمام بشؤون البيت والأولاد، لم يعد طعامك طيب المذاق، معظم وقتك ثرثرة على الهاتف، والباقي على التلفاز، تعودين لذكريات قديمة أكل عليها الزمن وشرب دون أن تمحيها من ذاكرتك، لم تعودي تلك الرشيقة الخفيفة التي كانت كالغزال ، لا تهتمين بجسمك ومظهرك كما كنت في أيام الخطبة وبداية مرحلة الزواج .
هذا الكلام منه كان يمسّ أنوثتها، فتقول له والدموع تقفز من عينيها: يعني أنك لم تعد تحبني مثل أيام زمان؟ تأخذه الرأفة، يحسّ أنه جرح مشاعرها بكلامه الذي آلمها، فيقول محاولاً إصلاح ما بدر منه: ما قصدتُ ذلك، ولكن قصدتُ أن أنبّهك إلى أن رشاقة المرأة هو الجمال، وقلّة الحركة تغتال هذا الجمال.
سرعان ما تطورت الشجارات بينهما وخرجت من فمهما كلمات غير لائقة، شعر كلاهما بالندم لما قالا، لكن كبرياؤهما حال دون أن يعتذر كل منهما للآخر، ويعترفا بخطئهما، هي دخلت غرفتها باكية، وهو خرج من المنزل غاضباً!