بين الحدود النفسية … والجغرافية !!!

التقسيم … تلك الكلمة الخبيثة …

ليس بالضرورة حالة جغرافية حدودية محسوسة .. إنه غالباً ما يكون حالة نفسية فكرية غير ملموسة .. يعاني منها من يزرح تحت وطأة الظلم والذل والعنف .

فغياب العدالة والقانون تخلق حالة انقسام شاقولي بين السلطة والشعب .. وتسبب شرخاً اجتماعياً يتوسع تدريجياً ليصبح هوة شاسعة يصعب ردمها إلا بثورة تحررية شعبية … لإعادة السلطة وزمام الحكم إلى مسار العدالة والديمقراطية التي تحقق المساواة والعدالة الاجتماعية للجميع دون تمييز بين زبانية نظام ومرتزقة سلطة وبين عامة الشعب .

هذه أولى حالات التقسيم النفسي .. التي تبدأ أثارها السلبية بالانعكاس تدريجياً على العلاقة بين السلطة والشعب .. وبغياب مفهوم المواطنة ، ومداعبة المستنفعين والحاقدين على وتر الطائفية والأديان .. تبدأ مرحلة أخطر وأسوأ على وضع البلد تتجلى بأحقاد قائمة على التمايز الديني الطائفي، يعززها غياب الوعي المجتمعي الوطني، وغياب المعارضة السياسية الفكرية، وقمع الرأي الآخر وتشديد القبضة الأمنية والممارسات الديكتاتورية على كل من يحاول المعارضة والاختلاف بالرأي .. هذه المرحلة الثانية من التقسيم النفسي ..

تليها المرحلة الأسوأ على الاطلاق وهي استخدام الحالتين السابقتين لإشعال ثورة … وهنا تبدأ الكوارث والمساوئ المجتمعية وعملية التدمير والعنف المسلح والتطرف والحقد والثأر والانتقام بالظهور و التبلور .. خاصة في ظل غياب أي فعل ديمقراطي ووعي سياسي يمنع الكارثة من
الوقوع .. !!

إنها الحالة السورية والعراقية الراهنة …

ليصبح التقسيم الجغرافي حلاً لفشل ذريع في معالجة الأسباب التي أدت إلى تقسيمات نفسية وأحقاد مجتمعية وطائفية مزمنة …
وبالتالي فان منع بلداننا من الانقسام والتشرذم والتقسيم يكون بمعالجة الأسباب وليس بالعنف والقتل وبالتمنيات والتصريحات .. وبمعالجة الفعل وليس برد فعل أسوأ.

فالقضاء على الديكتاتورية ومحاربة الطائفية ،ونشر فكر المواطنة وتقبل الآخر، وتحرير الأفكار وتشجيع المنابر السياسية والاجتماعية والثقافية ،والتركيز على التربية والتعليم والممارسات الديمقراطية الحقيقية .. وإشراك الشباب في العمليات التنموية والعمل المجتمعي وتربية الأجيال القادمة على فكر المواطنة والعدالة والقانون .. هي التي تحمي بلداننا من التقسيم … وهي الضامن لاستمرارية بلدان وشعوب عريقة .. لا تغيب عنها
الشمس … !!

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى