إيقاظ الجبهة الوطنية في سورية: (2) ماذا سيفعل عمران الزعبي في موقعه الجديد!

تأثرت الأحزاب والقوى السياسية المشاركة في الجبهة الوطنية التقدمية في سورية بالأحداث التي شهدتها المنطقة بعد انتحار محمد البوعزيزي في تونس، وتساقط عدد من الأنظمة العربية تحت ضغط ماعرف بثورات الربيع العربي.

كان ثمة سؤال تطرحه تلك القوى المحلية، فهل يمكن أن يمتد الحريق إلى سورية، وكيف سيكون حالها إذا ما وصل هذا الحريق إليها؟.. وكان هناك فارق زمني بين اللحظات المتتالية لسقوط الأنظمة، واللحظة التي بدأ فيها حراك غريب في سورية ارتبط بيوم الجمعة واللحظات التي تلي خروج المصلين من المساجد، وخلال تلك الفترة بدت أحزاب الجبهة في حالة دهشة وعجز ، ووجدت أمامها أسئلة كبرى لم تستطع الإجابة عليها، فركنت إلى الهدوء .

تحول الصراع في سورية إلى حرب مفتوحة تتداخل فيها الظروف والقوى المحلية والإقليمية والدولية ، ودخلت البلاد في حرب لم تنته حتى الآن، وخلال ذلك تصدرت الدولة الصراع بمعزل عن الجبهة وأحزابها إلى أن انجلت الصورة شيئا فشيئا .

في السنة الأولى اتجهت السلطة السياسية القائمة إلى عملية تغيير، فحسم البرنامج الذي اشتغلت عليه المسألة، عندما تم الإعلان عن دستور جديد أقره استفتاء شعبي عام 2012، وفي هذا الدستور كان يمكن الانتباه سريعا ومنذ اللحظة الأولى إلى صورة الأحزاب والجبهة الوطنية التقدمية في سورية كما نعرفها غابت عنه، فكانت في الدستور الأول الصادر عام 1973 مشمولة في المادة الثامنة ، كما يلي: ((حزب البعث العربي الاشتراكي هو الحزب القائد في المجتمع والدولة ويقود جبهة وطنية تقدمية تعمل على توحيد طاقات جماهير الشعب ووضعها في خدمة أهداف الأمة العربية.))..

أما الدستور الجديد، فقد أعاد صياغة المادة الثامنة على أرضية جديدة لتصبح على النحو التالي:

((1- يقوم النظام السياسي للدولة على مبدأ التعددية السياسية وتتم ممارسة السلطة ديمقراطيا عبر الاقتراع.‏‏‏
2- تسهم الأحزاب السياسية المرخصة والتجمعات الانتخابية في الحياة السياسية الوطنية وعليها احترام مبادئ السيادة الوطنية والديمقراطية.‏‏‏
3- ينظم القانون الأحكام والإجراءات الخاصة بتكوين الأحزاب السياسية.‏‏‏
4- لايجوز مباشرة أي نشاط سياسي أو قيام أحزاب أو تجمعات سياسية على أساس ديني أو طائفي أو قبلي أو مناطقي أو فئوي أو مهني أو بناء على التفرقة بسبب الجنس أو الأصل أو العرق أو اللون.‏‏‏
5- لا يجوز تسخير الوظيفة العامة أو المال العام لمصلحة سياسية أو حزبية أو انتخابية.‏‏‏))

أي ببساطة غابت مكونات الجبهة كمؤسسة سياسية يحميها الدستور، لتصبح خاضعة بحكم الوضع السياسي في البلاد لقانون الأحزاب، وهي هنا عبارة عن ائتلاف حزبي يستمد قوته من الانتخابات والعملية السياسية وبالتالي القوة الفعلية على الأرض..

يفتح تكليف الوزير السابق عمران الزعبي، بمنصب نائب رئيس الجبهة التقدمية بديلا عن الدكتور سليمان قداح ، يفتح المجال للحديث عن أسئلة تتعلق بهذه الظروف وبالأداء السياسي والجماهيري للأحزاب، في وقت غابت فيه هذه الفعالية عن واجهة الإعلام ، ومن الأسئلة المهمة :

1. ماذا عن تراجع البنى التنظيمية لهذه الأحزاب التي غدت عبارة عن هياكل لأحزاب كانت فاعلة في مرحلة مهمة من تاريخ البلاد.

2. ما الذي ينبغي فعله على مستوى ميثاق الجبهة الوطنية التقدمية؟ وكيف سيصبح حاله مع تصاعد الأزمة السورية وظهور تيارات اثنية تشتغل على الفيدرالية والانقسام أحيانا ؟

3. كيف يمكن نسج علاقة واضحة وصحية بين معارضة الداخل وأحزاب الجبهة، ولماذا يغني كل منها على ليلاه في طاحونة خاصة به؟ وكيف يمكن فض الاشتباك بينهما؟

4. هل يمكن أن تنضم أحزاب معارضة الداخل إلى الجبهة، فتصبح هذه المؤسسة الحزبية هي أحد المخارج المحتملة للأزمة في صورتها الديمقراطية الداخلية؟ وهنا ماذا سيكون موقف القوى الموجودة في الخارج؟

5. وثمة سؤال كبير: هل تستطيع أحزاب الجبهة مواجهة ظروف المرحلة التي قد تنتج عن حوار جنيف بحيث تواجه الأحزاب والقوى التي ستدخل الحياة السياسية بقواها وأدواتها الإعلامية والمالية الكبيرة ، أم حزب البعث هو وحده الكفيل بهذه المواجهة ؟

6. هل ستبقى آليات التعامل القائمة هي نفسها بين (الإعلام الذي كان وزيره عمران الزعبي خلال الأزمة) وبين (احزاب الجبهة التي أصبح هو نائبا لرئيسها) ؟ علما أن بعض الشخصيات والأحزاب المعارضة انتقدت آليات التعامل معها على صعيد المنابر الإعلامية للدولة، وتساءل بعضها (فاتح جاموس): كيف سنصل إلى الرأي العام، والإعلام لايعطينا الفرصة؟!

7. ثم هل نحن بحاجة إلى إعادة النظر بقانون الأحزاب ؟

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى