مفاعيل خطاب نصر الله وانتصارات الجيش السوريّ

تُقّر تل أبيب ولو ضمنيًا أنّ رهانها على تفتيت سوريّة وإسقاط الرئيس الدكتور بشّار الأسد قد فشل، كما تعترف بالفم الملآن أنّ اتفاق خفض التوتّر في جنوب سوريّة، والذي تمّ التوصّل إليه بين الروس والأمريكيين، لم يأخذ بعين الاعتبار مصالحها التكتيكيّة الإستراتيجيّة، في هذه الظروف والمُستجدّات ليس مفاجئًا بالمرّة ما كشفته اليوم الثلاثاء صحيفة (هآرتس) العبريّة، التي نقلت عن مصادر سياسيّة وأمنيّة مطلعة جدًا في تل أبيب، قولها إنّ رئيس الموساد يوسي كوهين، وعددٍ من صنّاع القرار في إسرائيل سيقومون بزيارةٍ إلى واشنطن للقاء نظرائهم هناك لمُناقشة الوضع في سوريّة، على حدّ تأكيد المصادر، التي أضافت أنّ المحادثات بين الأمريكيين والإسرائيليين ستتركّز في الموضوع السوريّ فقط.

وقالت الصحيفة، نقلاً عن المصادر عينها إنّ رئيس شعبة الاستخبارات العسكريّة، الجنرال هرتسي هليفي، ومدير الهيئة السياسيّة والأمنيّة في وزارة الـ”دفاع″ الإسرائيليّة، سيُرافقان كوهين في هذه الزيارة. وتابعت المصادر قائلةً إنّ أعضاء الوفد الإسرائيليّ سيُحاولون إقناع الجانب الأمريكيّ بضرورة تغيير بنود الاتفاق مع روسيا فيما يتعلّق بخفض التوتّر في الجنوب السوريّ.

ونقلت الصحيفة عن مسؤولٍ رفيعٍ جدًا في البيت الأبيض قوله إنّ المحادثات ستتركّز في الاحتياجات الأمنيّة الإسرائيليّة مقابل سوريّة ولبنان، مُشدّدًا في الوقت عينه على أنّ المحادثات لن تتطرّق لا من قريبٍ ولا من بعيدٍ إلى عملية السلام الإسرائيليّة-الفلسطينيّة.

وحاول خبراء ومراقبون وسياسيون عن السؤال: هل تشهد المنطقة كامب ديفيد أوْ أوسلو” جديدة؟، في ظلّ الزيارتين السابقتين اللتين قام بهما يوسي كوهين رئيس جهاز الموساد للولايات المتحدة مؤخرًا، وفقا للصحيفة العبرية. وكشفت صحيفة “هآرتس″ الإسرائيلية، اليوم الثلاثاء، أنّ رئيس جهاز الموساد الإسرائيلي يوسي كوهين، والقائم بأعمال مستشار الأمن القومي، يعقوب نيجل، قد زارا واشنطن سرًّا، والتقيا كبار مستشاري الرئيس الأمريكي دونالد ترامب لمواصلة تنسيق السياسة بين حكومة الاحتلال والإدارة الأمريكية الجديدة.

وحسب الصحيفة فقد كانت هذه الزيارة هي الثانية من نوعها التي يقوم فيها رئيس الموساد، والقائم بأعمال مستشار الأمن القومي، حيث سافر الاثنان للقاء مستشاري ترامب منذ فوزه في الانتخابات الرئاسية للمرة الأولى في أوائل ديسمبر من العام الماضي. وكانت المرة الأولى في بداية شهر كانون الأول من العام الماضي، وجاءت الرحلة الثانية قبل يومين من تنصيب ترامب. والتقى كوهين ونيجل مع مستشاري ترامب للأمن القومي، الجنرال المتقاعد مايكل بلين، ومع مسؤولين آخرين في فريق الرئيس، ومثلما حدث في الزيارة السابقة رافق الرجلين في لقاءاتهما سفير إسرائيل في الولايات المتحدة رون ديرمر، حسب “هآرتس″.

وقالت الصحيفة على لسان مسؤول رفيع المستوي في تل أبيب: عنيت محادثات كوهين ونيجل أساسًا بالمسألة الإيرانية وفي الوضع في سوريّة، ولكن أيضًا في الموضوع الإسرائيليّ-الفلسطينيّ. وأشار المسؤول إلى أنّ المحادثات تضمنت تبادلاً للآراء والمعلومات في المسائل المختلفة، في إطار بلورة سياسة الإدارة الجديدة.

وأكدت مصادر من ديوان رئيس الوزراء للصحيفة أن كوهين ونيجل زارا واشنطن والتقيا مع الجنرال بلين ولكنّها رفضت تقديم تفاصيل عن مضمون المحادثات. وكان البيت الأبيض قد نشر بيانًا هامًّا أكّد فيه أنّ توسيع المستوطنات في الضفة الغربية كفيل بأنْ يعرقل المسيرة السلمية بين إسرائيل والفلسطينيين.

أمّا صحيفة (يديعوت أحرونوت) فلفتت إلى أنّ اللقاءات الأخيرة بين مسؤولي تل أبيب وواشنطن، هدفها صياغة مرحلة ومعادلة جديدة للسلام بين الفلسطينيين والإسرائيليين، مضيفة أنّ ترامب متعهد بإحلال السلام، بدورها كشفت ندوة أجراها معهد واشنطن مؤخرًا وحضرها خبراء وسياسيون إسرائيليون عن اتجاه واشنطن وتل أبيب إلى نفس المسار وإحداث تغيير في ملف السلام بين إسرائيل والعالم العربيّ. وقال الوزير الإسرائيلي تساحي هنغبي، الذي حضر الندوة: عندما عقد ترامب ونتنياهو اجتماعهما، ركّزا على علاقات إسرائيل مع الدول السنية وإنفاذ الاتفاق مع إيران في المستقبل. واستكمل: تتمثل مصلحة تل أبيب الأساسية في تعزيز علاقاتها مع العالم السنيّ، عبر جعل تعاونهما السري القائم حاليا أكثر علنية، وتستند هذه العلاقات جزئيًا إلى واقع أنّ لدى الطرفين عدوين مشتركين، هما إيران وتنظيم داعش.

بدوره قال الخبير السياسي إيتمار رابينوفيتش، سفير تل أبيب الأسبق في واشنطن، إنّه بالنسبة للقضية الفلسطينية، يبقى حلها مهما بالنسبة للإسرائيليين، ويعود ذلك جزئيًا إلى أنّها تؤثر في علاقاتهم مع باقي دول العالم.

ولفت إلى أنّ التوصل إلى حل مؤقت ممكن إذا أدرك الفلسطينيون أنّ الوضع الراهن ليس وضعًا قائمًا، بل تحول نحو ضمّ أراضٍ إلى إسرائيل، ومن شأن الموافقة على حلّ مؤقت أنْ توقف هذا التحول، ولو أنّه لن يمنحهم دولة، وإذا كان نتنياهو والفلسطينيون على استعداد للتوصل إلى حلٍّ مؤقتٍ، فبإمكان الولايات المتحدة أنْ تلعب دورًا في الوساطة بين الجانبين، على حدّ تعبيره.

صحيفة رأي اليوم الألكترونية

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى