موسكو وشروط المعارضة السورية

 


بعد جهود كبيرة وحوارات ومفاوضات طويلة، وافق "الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة" في سوريا على المشاركة في مؤتمر "جنيف 2"، ولكن بشروط. أحد هذه الشروط موجه إلى روسيا، حيث إن معارضي الرئيس السوري بشار الأسد يريدون الحصول على وثيقة مكتوبة، تتضمن بوضوح موقف موسكو بشأن الأزمة السورية. هذا ما أقره اجتماع المعارضة الذي اختتم أعماله مؤخرا في إسطنبول، ويرى بعض الخبراء أن هذا الشرط يدفع العملية السلمية إلى طريق مغلق.
ويقول الرئيس السابق للائتلاف الوطني معاذ الخطيب، إن المعارضة أولاً؛ لن تجلس إلى طاولة الحوار إذا حضرت إيران، وثانياً؛ وضع "جدول زمني لاستقالة الأسد" قبل عقد المؤتمر، لأن "كل من يتحمل مسؤولية الكارثة في سوريا يجب ألا يكون جزءاً من العملية السياسية". وأضاف وجوب أن يكون الأسد ومجموعته خارج العملية السياسية، وهذا خط أحمر، أما مشاركة ممثلين عن النظام في الحكومة الانتقالية فليس مشكلة.
ويبدو أن الائتلاف يتعمد وضع شروط تعجيزية، يعلم أنها مرفوضة أصلاً، حيث إن موسكو ليست في موضع الطرف الذي يملك إعطاء ضمانات مكتوبة أو غير مكتوبة، وليست في موضع المتحدث باسم النظام السوري، وشرط وضع جدول زمني لاستقالة الأسد قبل عقد المؤتمر أمر غير منطقي بالمرة..
ويتناقض تماماً مع روح وهدف مؤتمر جنيف والمباحثات السياسية عموماً، ناهيك عن أن القوى الدولية الغربية نفسها قد تنازلت عن هذا المطلب، منذ نحو عام تقريباً. والغريب أن ائتلاف المعارضة الذي أبدى موافقته على مشاركة ممثلين عن النظام في الحكومة الانتقالية، اشترط استبعاد الأسد ومجموعته خارج العملية السياسية، وكأن المعارضة ستختار أفراداً تابعين للنظام من غير الموجودين في أجهزة الحكم الحالية، وهذا في رأي موسكو عبث لا معنى له.
ومن الشروط الأخرى، التي يمكن النظر فيها وبحثها في المؤتمر وليس قبله، مشاركة المجموعات المسلحة في المؤتمر، وفتح ممرات في الطوق الذي تفرضه قوات الحكومة على المناطق التي تسيطر عليها المعارضة، لوصول المواد الغذائية والمساعدات الطبية، والتوقف عن قصف هذه المناطق والإفراج عن المعتقلين.
هذه الشروط، في رأي موسكو، ليست سوى محاولات من المعارضة لتضييع المزيد من الوقت، على أمل تحسين أوضاع المعارضة المسلحة ميدانياً في مواجهة جيش النظام، وهذا في حد ذاته أمر في غاية الصعوبة، بعد تراجع جماعات المعارضة المسلحة أمام القصف الحاد من جيش النظام، وأيضاً توقف الدعم الخارجي للمعارضة من المال والسلاح معاً. موسكو لم ترد على هذه الشروط، واكتفت بالصمت لعل الائتلاف يتراجع عنها.

صحيفة البيان الأماراتية
عن صحيفة نيزافيسيمايا غازيتا الروسية

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى