ثورة النفط الصخري الأمريكية لن تزيح السعودية من العرش (أجاي ماكان)

 
أجاي ماكان


يعمل العنف المتزايد والشلل السياسي على إحباط آمال بغداد في تعزيز الناتج. وحين تفوقت العراق على إيران في السنة الماضية، لتكون ثاني أكبر بلد مصدر في أوبك للمرة الأولى منذ أواخر الثمانينيات، اعتُبِر ذلك علامة على انتعاش صناعة الطاقة في بغداد، بعد مرور عقد على الغزو الأمريكي.
لكن بعد أقل من 12 شهراً على ذلك، انتقلت العراق من كونها مصدراً رائداً للنمو في إمدادات النفط العالمية إلى كونها مصدراً يحوطه اللبس – وهو تطور يضغط على الأسعار، ويشكل تحديات لصناع السياسة في بغداد وواشنطن.
في السنة الماضية انضمت العراق إلى مجموعة النخبة من البلدان التي تنتج أكثر من ثلاثة ملايين برميل يومياً من النفط، لكنها شهدت الأرقام وهي تهبط إلى 2.96 مليون برميل في حزيران (يونيو)، وفقاً لبيانات من ''رويترز''. وهذا يقارَن مع الهدف الابتدائي الذي وضعته الحكومة لهذا العام وهو 3.7 مليون برميل يومياً.
إلى جانب اندفاع إمدادات النفط من أمريكا الشمالية من الحقول الصخرية الأمريكية والرمال النفطية الكندية، كان من المتوقع أن يعمل الإنتاج العراقي المتصاعد، كعامل وقاية يقي سوق النفط من وقع العقوبات المتشددة على إيران.
لكن ريتشارد مالينسون، كبير محللي السياسة في شركة الاستشارات إنيريجي أسبكتس، قال: ''هذا العام سيتراجع الإنتاج العراقي، في الوقت الذي كان فيه قسم كبير من السوق، يتوقع أن العراق يحقق أكبر نمو خارج الولايات المتحدة. وهذه صدمة كبيرة''.
السبب في إحباط خطط بغداد لرفع إنتاج النفط هو العنف المتزايد والشلل السياسي، والمشاكل العالقة في البنية التحتية. كان الشهر الماضي أكثر الشهور دموية في العراق منذ خمس سنوات، وفقاً للأمم المتحدة، وأثر تصاعد العنف في صناعة النفط.
أدت سلسلة من الهجمات بالقنابل إلى تخفيض حركات النفط إلى مستويات منخفضة في الشهر الماضي، عند مستوى 300 ألف برميل يومياً في خط التصدير كركوك – جيهان في الشمال. وهناك كمية أخرى من الناتج مقدارها 150 ألف برميل يومياً، فُقِدت من كردستان العراق منذ مطلع العام، بسبب الخلاف على اقتسام الإيرادات بين بغداد والحكومة المحلية.
أكبر مصادر الصداع تأتي من الجانب الفني. تشتكي شركات النفط الدولية من أن البنية التحتية المتصدعة لخطوط الأنابيب في العراق، غير قادرة على استيعاب الزيادة في الإنتاج. وحين يعمل الطقس على عرقلة الشحنات من موانئ الجنوب، لا بد من إغلاق الإنتاج بسبب طاقة التخزين المحدودة.
تعتزم الحكومة تحديث مرفأ التصدير في الجنوب، لكن من المتوقع أن يؤدي ذلك إلى تقليص الصادرات بكميات يمكن أن تصل إلى نصف مليون برميل يومياً لمدة شهر على الأقل، اعتباراً من أيلول (سبتمبر)، وهو ما يؤدي إلى إحباط شركات النفط الدولية.
قالت إحدى الشركات: ''ينبغي أن يكون التركيز على بناء مزيد من أماكن التخزين، وليس على زيادة طاقة التصدير. وحتى لو أنتجنا مزيدا من النفط، فإنه حين يصل إلى البنية التحتية تنهار الأمور، وغالباً ما تجد أنك لا تستطيع إخراجه من البلاد''.
كذلك تراجع الاستثمار بسبب المفاوضات المطولة بين بغداد وشركات النفط الدولية التي تدير حقول النفط الكبيرة، حول أهداف الإنتاج المستقبلية.
تظل الحكومة متفائلة. في مقابلة مع ''رويترز'' هذا الأسبوع، قال عاصم جهاد، وهو مسؤول في وزارة النفط: إن الإنتاج سينمو بمعدل 400 ألف برميل يومياً بنهاية العام الحالي، وذلك بفضل بدء العمل في حقل مجنون الذي تديره شركة شل، الذي يعد واحداً من الحقول الثلاثة الكبيرة التي تأجل افتتاحها هذا العام.
لكن كثيراً من المحللين ليسوا على هذا القدر من التفاؤل. تتوقع ''إنيرجي أسبكتس'' هبوطاً في المعدل السنوي للإنتاج، وتتوقع شركة جيه بي سي JBC لاستشارات الطاقة، أن يبقى معدل الإنتاج اليومي على حاله عند 2.96 مليون برميل يومياً، في حين أن شركة وود ماكنزي تتوقع زيادة جزئية بسيطة هذا العام.
الأمور المترتبة على العراق جراء ذلك تنطوي على عواقب ضخمة. في العام الماضي بلغت الإيرادات من الصادرات النفطية 94 مليار دولار، وفقاً لبيانات من ''أوبك''، وكان الرقم مساوياً تقريباً لميزانية الحكومة المركزية البالغة 100 مليار دولار، في حين أن عدد السكان المتزايد يفرض ضغطاً متصاعداً على إنفاق الدولة.
يقول لؤي الخطيب، رئيس معهد الطاقة في العراق: إن ''العراق دولة تعتمد على صادرات النفط، أي تراجع في الصادرات خلال 2013 سيؤدي إلى عجز كبير في الميزانية الفيدرالية لعام 2014''.
سيكون لذلك أيضاً عواقب على الإمدادات العالمية. يأتي الإنتاج العراقي المتعثر على رأس حالات انقطاع غير متوقعة من ليبيا ونيجيريا وجنوب السودان. حين تتعطل صادرات العراق الجنوبية في أيلول (سبتمبر) بسبب أعمال الصيانة في الموانئ، سيختفي من الإنتاج العالمي 3.4 مليون برميل يومياً بصورة إلزامية، أي نحو 4 في المائة من الطلب العالمي. وهذه هي أكبر كمية انحسار منذ غزو العراق في 2003، وأكثر من الكمية التي اختفت في أوج ثورات الربيع العربي، كما تقول ''إنيرجي أسبكتس''.
حالات الانقطاع المذكورة ومشاكل العراق حطمت الآمال بأن من الممكن أن تهبط الأسعار هذا العام، بسبب دخول مزيد من النفط الصخري الأمريكي حيز الإنتاج. ارتفع سعر خام برنت من أقل من 100 دولار للبرميل في منتصف نيسان (أبريل) ليلامس 110 دولارات الأسبوع الماضي، على الرغم من المخاوف الاقتصادية في الصين، التي ألقت بظلالها على أسعار السلع الأخرى.
زادت السعودية أصلاً إنتاجها إلى نحو 10 ملايين يومياً للوفاء بالطلب. وكانت تزيد سعر الصادرات بصورة متواصلة إلى أوروبا وآسيا.
قال روبرت ماكنالي، وهو مسؤول سابق في البيت الأبيض ويتولى الآن إدارة مجموعة رابيدان لأبحاث الطاقة: ''بدأ الناس في الاستيقاظ ليشموا رائحة القهوة، ويروا أن طفرة النفط الصخري الأمريكية، لا تكفي للاستغناء عن نفط السعودية''.

فاينانشال تايمز

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى