غلعاد: “انهيار السلطة سيقود لإلغاء اتفاق السلام مع المملكة”… إسرائيل أنقذت الملك حسين وعبد الله من عدّة محاولات اغتيالٍ والأردن الشريك الثاني بعد واشنطن بالمجال الاستخباريّ
ما زالت العلاقات المُترديّة بين إسرائيل والأردن تحتّل عناوين الإعلام العبريّ، وخصوصًا لأنّ الأزمة بينهما وقعت في الذكرى السنويّة الـ25 لتوقيع اتفاق السلام بينهما، في العام 1994، حيثُ قال الجنرال في الاحتياط، عاموس غلعاد، إنّه يتحتّم على الكيان المُحافظة على اتفاق السلام مع الأردن لأنّه يُعتبر بمثابة كنزٍ إستراتيجيٍّ للدولة العبريّة، ولفت الموظّف الإسرائيليّ الرفيع، الذي كان مسؤولاً عن الدائرة الأمنيّة والسياسيّة في وزارة الحرب الإسرائيليّة، لفت إلى أنّ انهيار السلطة الفلسطينيّة يُهدِّد قدرة الأردن على المحافظة على اتفاقية السلام، على حدّ قوله.
في السياق عينه، نقل المُحلِّل للشؤون الأمنيّة في صحيفة (معاريف) العبريّة عن مصادر أمنيّةٍ واسعة الاطلاع في تل أبيب، نقل عنها قولها إنّ الحديث عن العلاقات الأردنيّة- الإسرائيليّة، هو حديثٌ عن حلفٍ استراتيجيٍّ مُستمِّرٍ منذ نحو 50 سنة، وتحديدًا منذ 1970، حين هرعت إسرائيل لنجدة الملك حسين الذي كان نظامه عرضة للخطر بسبب الحرب مع الفلسطينيين واجتياح الجيش السوريّ شمالاً، مُضيفةً إنّه بتنسيقٍ مع إدارة ريتشارد نيكسون ومستشار الأمن القومي هنري كيسنجر، حشدت إسرائيل القوات في مثلث الحدود الأردن ـ إسرائيل ـ سوريّة، وهدّدّت باستخدامِها ضد الاجتياح السوريّ.
كما أكّدت المصادر عينها أنّه بناءً على معلوماتٍ استخباريّةٍ من الكيان فقد أنقذت إسرائيل حياة الملك حسين وربما عبد الله أيضًا من مخططات الاغتيال، لافتةً إلى أنّه بعد الولايات المتحدة والعلاقة الوثيقة بينها وبين إسرائيل، فإنّ الأردن هو الشريك الثاني في أهميته لإسرائيل في المجال الاستخباريّ، وعليه، فواضح أنّ الدولتين لا يُمكِنهما أنْ تسمحا لنفسيهما بالقطيعة أوْ حتى التدهور الآخر في العلاقات بينهما، وخصوصًا الأردن، الأضعف بين الاثنتين، الذي يتدهور اقتصاده وتوازنه الديمغرافيّ الداخليّ الهش، ويحتاج أكثر إلى إسرائيل، على حدّ تعبيرها.
وأضافت المصادر الرفيعة في تل أبيب قائلةً إنّ هذا الحلف، الإسرائيليّ-الأردنيّ، يجِد تعابير كثيرةً وهامّةً على نحوٍ خاصٍّ في المجال العسكريّ-الأمنيّ-الاستخباريّ، فرؤساء جهاز (الموساد) على أجيالهم يلتقون بالملك وكبار رجالات الاستخبارات لديه، وكذلك أيضًا قادة في الجيش الإسرائيليّ ورؤساء الأركان، كما تتعاون الدولتان وتتبادلان المعلومات ضدّ أعداءٍ مشتركين، وتحديدًا منظمات الإرهاب التي تهددهما، قالت المصادر بتل أبيب.
إلى ذلك، هاجم كاتبٌ يمينيٌّ إسرائيليٌّ المملكة الأردنية باعتبارها تمثل عنصرًا مُعاديًا لإسرائيل في الساحة الدوليّة رغم اتفاق السلام بين الجانبين، وهو ما تمثل مؤخرًا بقرار الخارجيّة الأردنيّة استعادة سفيرها من تل أبيب، بسبب اعتقال إسرائيل اثنين من المواطنين الأردنيين، ما يؤكِّد فشل اتفاق السلام الذي وقع بين الدولتين قبل ربع قرن مع جارة الدولة العبريّة الشرقيّة، وأنّ ما حاول اليسار بالكيان تسويقه للإسرائيليين أصابهم بخيبة الأمل، كما قال.
وأضاف نداف هعتسني في مقالٍ بصحيفة (معاريف)، أنّ إسرائيل باتت اليوم مضطرةً لإعادة المناطق الزراعيّة المستأجرة من المملكة، وهي على مساحة 800 دونم، لأنّ شركاء السلام الأردنيين يرفضون تجديد عقد الإيجار الموقع قبل 25 عامًا، في حين أنّ إسرائيل تُوفِّر للأردن ما قيمته 50 مليون متر مكعب من المياه سنويًا، وتعهدت بمضاعفة الكمية مستقبلاً، وتمنح الهاشميين مكانةً مُميّزةً في الحرم القدسيّ، كما زعم، مُشيرًا في الوقت عينه إلى أنّه بموجب هذه المكانة، ترعى المملكة رجال الوقف الإسلاميّ الذين يُناصِبون الشرطة الإسرائيليّة العداء، لكنّ الكيان لم يتلقَ من الأردنيين منذ اتفاق السلام إلّا مزيدًا من الكراهية، كما قال.
بالإضافة إلى ذلك، شدّدّ الكاتب الإسرائيليّ على أنّ الساسة الإسرائيليين يُحاوِلون تهدئة خواطر المُواطنين بالقول إنّه رغم أجواء السلام البارد فإنّ العلاقات الأمنيّة السريّة من تحت الطاولة ممتازة جدًا، وهو كلامٌ يُرَّد عليه بالقول إنّ هذه العلاقات الأمنيّة الإسرائيليّة الأردنيّة كانت موجودةً زمن الملك حسين قبل اتفاق السلام عام 1994، وقد كانت سريّةً وحميميّةً، على حدّ قول الكاتِب.
وأوضح أنّ تدهور العلاقات الأردنيّة الإسرائيليّة هو درسٌ يجب أنْ نتعلّمه من العلاقات الإسرائيليّة القادِمة مع دول الخليج، فيجب ألّا ندفع أثمانًا مقابل التنسيق الأمنيّ السريّ معها، أو بسبب حالات العناق الدافئة في الغرف المُغلقة، خاتِمًا مقاله بالقول إنّ المملكة العربيّة السعوديّة تحولّت إلى صديقةٍ لإسرائيل دون أنْ نعطيها أراضي كالأردن، أوْ نتنازل لها عن ثرواتٍ طبيعيّةٍ كما فعلنا مع المملكة الأردنيّة، لأنّ السعودية تعلم أنّ مفتاح الاستقرار في المنطقة هو إسرائيل، القادرة على الدفاع عنها أمام إيران والشيعة، على حدّ أقواله، التي اعتمدت بطبيعة الحال على مصادر أمنيّةٍ وسياسيّةٍ في تل أبيب.
صحيفة رأي اليوم الألكترونية