ترجمة رامي لرباعيات الخيام تعد نقطة تحول

تعد رباعيات الخيام من أكثر الأعمال التي تناولها الأدباء بالترجمة منذ أوائل القرن الماضي حتى الآن، فكانت معلما بارزا من معالم نهضة الترجمة الشعرية، وكان للغرب قصب السبق في هذا، فقد ترجمها فتزجرالد الإنجليزي سنة 1859، وكانت ترجمة البستاني سنة 1912 أول ترجمة عربية.

و”رباعيات الخيام .. بين الأصل الفارسي والترجمات العربية” كانت موضوعات لكتاب د. عبدالحفيظ حسن، حيث يذكر، أن “الرباعي” فن أصيل من فنون الشعر الفارسي، ابتكره الشعراء الإيرانيون ونظموا فيه منذ بداية الشعر الفارسي الإسلامي بعد الفتح، والرباعي من حيث الشكل عبارة عن بيتين من الشعر يشملان أربعة مصاريع تجري على وزن واحد وقافية واحدة، غير أن قافية المصراع الثالث قد تختلف عنها.

وقد تفنن الفرس في أوزان الرباعي فجعلوها على أربعة وعشرين وزنا من مستخرجات بحر الهزج، وجعلوا من عبارة (لا حول ولا قوة الا بالله) ميزانا للوزن الأساسي.

يقول د. حسين مجيب المصري: “وتعتبر الرباعيات من الشعر الخفيف الذي لا يكلف الشاعر إلا قدرا من الجهد، ولا يتطلب شاعرية أصيلة بالمعنى المفهوم تشهد له بطول النفس وقام الأداة وحسن الصياغة”.

ويشير الكاتب إلى الترجمات غير المباشرة لرباعيات الخيام، قائلا: الترجمات غير المباشرة هي التي تمت عن طريق ترجمة في لغة وسيطة، وكانت الإنجليزية هي وسيلة معرفة وترجمة رباعيات الخيام في أوائل هذا القرن، فقد اعتمدت الترجمات العربية الأولى لها على ترجمة فتزجرالد، مثل ترجمة البستاني سنة 1912، وترجمة عبداللطيف النشار سنة 1917، وترجمة السباعي سنة 1922.

أما عن ترجمة وديع البستاني، فيوضح قائلا: يعتبر وديع البستاني الرائد الأول في ترجمة رباعيات الخيام إلى العربية شعرا، وقد ظهرت هذه الترجمة في طبعتها الأولى سنة 1912، فكانت بذلك أولى الترجمات الشعرية في القرن العشرين.

واعتمد البستاني في ترجمته على فتزجرالد، ودرس الرباعيات حسب قوله بترجماتها الإنجليزية والفرنسية، نثرها وشعرها، وحرفيها وغير حرفيها.

وعن طريقته في الترجمة، يقول البستاني: “كنت أقضي في سبيل الرباعية الواحدة ثلاث ساعات أو أربعا مقارنا بينها وبين الرباعية أو الرباعيات التي تعد أصلا لها في ترجمات وينفيلد ونيقولاس وغارنر وميكارثي، وأعود فأستصفى معنى السباعية الواحدة من تلك المصادر جميعا، وكنت أتوخى في جميع ذلك الحرص على تأدية المعنى الخيامي بعينه، بل كنت أميل إلى الاقتصاد على المهم من الشيء الكثير مني إلى زيادة شيء من عندي”.

• ترجمات مباشرة

أما عن الترجمات المباشرة، يقول المؤلف: الترجمات المباشرة هي التي أخذت عن الأصل مباشرة، وهذه تقدم ضمانات أكثر على صحتها، وقد بدأت الترجمة المباشرة للرباعيات شعرا، مثلما حدث في الترجمة غير المباشرة، ثم اتجه المترجمون إلى ترجمتها نثرا، وسار الاتجاهان معا، فقد يجمع مترجم واحد بين الشعر والنثر في ترجمته مثلما فعل الزهاوي.

ثم يشير إلى ترجمة شاعر الشباب أحمد رامي، قائلا: “تعد ترجمة رامي نقطة تحول في الترجمة العربية لرباعيات الخيام فهو أول من نقلها – من العرب – عن الفارسية مباشرة عام 1924، ثم توالت بعد ذلك الترجمات المباشرة لها شعرا ونثرا”.

ترجم رامي من الرباعيات 168 على وزن بحر الرجز، ولكنه التزم بنظام الرباعية في القافية، فاتفقت القافية في الأشطر الأول والثاني والرابع، واختلفت عنها قافية الشطر الثالث، ولكنها في بعض الأحيان قد تتفق مع القافية في الرباعية، وترجم كل رباعية منفصلة عن أختها فلم يرتبها بحسب المعنى فيها، ولا بحسب القافية مثلما فعل البستاني أو السباعي من متابعة لفتزجرالد في إعادة ترتيب الرباعيات لتشكل أناشيد متصلة، أو الالتزام بقافية قفل واحدة للسباعية أو الخماسية، وذلك يتيح له فرصة أكبر في التعبير عن معنى الرباعية، وبخاصة إذا كان يترجم عن الفارسية.

وعن ترجمة جميل صدقي الزهاوي (نثرا – شعرا)، يقول المؤلف: ترجم الزهاوي رباعيات الخيام ترجمة نثرية حرفية، معتمدا على الأصل الفارسي وعاد فصاغها صياغة شعرية من بحر (الخفيف) نشرها في كتاب واحد في 22 مارس/آذار 1928.

وعندما نشر الزهاوي ترجمته لرباعيات الخيام وديوانه “اللباب” بادر المستشرق الإيطالي جرجيرليف دلافيدا إلى تقريظها، ومما جاء في هذا التقريظ قوله: “وجدتها من أنفس الشعر والترجمة معا، وتحققت أن الزهاوي في نظم الشعر وترجمته يعجب الجمهور لما يراعيه من السهولة والتدفق، وأيقنت أن اللغة العربية بين يديه كالشمع تطيع أنامله وتنقاد له انقياد العبد الذليل”.

وفي الخاتمة، يرى المؤلف د. عبدالحفيظ حسن أن الجديد الذي أتى به الزهاوي هو إثبات الأصل الفارسي للرباعيات التي ترجمها، وكذلك ترجمتها ترجمة نثرية حرفية، أما حين صاغها شعرا فإنه بعد بها عن روح الخيام وفلسفته في كثير منها، يقول صاحب الإعلام في ذلك: “فإنه التزم بها النقل الحرفي عن الفارسية مباشرة، ثم نظمها كغيره بشيء من التصرف”، وأنا أوافق الزركلي رأيه، فترجمة الزهاوي النثرية للرباعيات ترجمة دقيقة في معظمها، ولكنه حين صاغها شعرا تصرف كثيرا”.

يشار إلى أن كتاب “رباعيات الخيام.. بين الأصل الفارسي والترجمات العربية” للدكتور عبدالحفيظ حسن، صدر عن الهيئة العامة لقصور الثقافة بالقاهرة ، ويقع في نحو 411 صفحة من القطع المتوسط.

ميدل ايست أونلاين

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى