وزير سوري، يكتب رواية عن الحب والفساد !

منذ الصفحة الأولى، يقع الحمل في قصة حب تجري وقائعها في الاتحاد السوفييتي السابق، فالفتاة الروسية أولغا تخبر صديقها السوري الذي تحبه أحمد أنها حامل، وأحمد كما هو متوقع موجود في الاتحاد السوفييتي لانجاز بعثة دراسات عليا، وهذه الحالة تعد بالمئات أو حتى بالآلاف عند السوريين الذين يذهبون ليدرسون، فيقعون بالحب وتداعياته..

إن تاريخ وقوع أحداث رواية ((سرير من الوهم)) التي كتبها وزير التربية السوري هزوان الوز مهم جدا فهو يعود لعصر((البيريسترويكا، والغلاست نوست)) التي أطلقها الرئيس الأسبق ميخائيل غورباتشيوف في مطلع تسعينات القرن الماضي، فإذا بالاتحاد السوفييتي ينهار دون حرب نووية ولا حتى حرب بالسيف
والترس !

طبعت الرواية في بيروت، فدار النشر هي دار الفارابي، ولكن الرواية نموذج لافت من الروايات السورية، يعالج موضوعا مهما في وقت مهم، فالرواية تأخذ بيد القارئ مباشرة إلى أيام الاتحاد السوفييتي السابق حيث كانت معاهدة الصداقة والتعاون بين البلدين والتي دفعت الرئيس الأسبق يوري أندروبوف لدعم غير محدود للرئيس السابق حافظ الأسد يشبه دعم الرئيس الروسي فلاديمير بوتين للرئيس السوري الحالي بشار الأسد .

تفتح الرواية أيضا على موضوع ((الذكورة والأنوثة)) بين الشرق والغرب من جهة النموذج السوفييتي، فالأنثى في المجتمع السوفييتي هي موضوع جنسي بالنسبة للذكر السوري /الشرقي الذي حمل حقيبته وذهب ليتابع دراسته في عالم منفتح في هذا المجال، فإذا به في مواجهة حية مع أنوثة آسرة توقعه في أفخاخها .

تتحول قصة الحب بين ((أحمد)) و((أولغا)) إلى مفتاح إلى عوالم أخرى ترصدها الرواية، أهمها قصة الحب الأخرى التي كانت تربط ((أحمد)) مع (( هزار)) في دمشق، والتي كانت تنبض فنيا من خلال الرسائل التي ظلت ترسلها هزار حتى اللحظة الأخيرة .

وفي تلك المفاتيح نتعرف على مالم نكن نتوقعه من أشكال الانهيار في الاتحاد السوفييتي السابق، فقد انهارت القيم، وانهار الانتماء، وانهارت المنظومة الاجتماعية التي تعود عليها السكان، فإذا الفساد ينتشر كالسرطان في الجسد كله، وإذا الدولار سيد الموقف، وإذا الجمال الروسي يحاصر من شبكات الدعارة ، ومن الصور الصادمة في لحظات الانهيار تلك التي يدونها الكاتب في روايته مؤرخة بالساعة واليوم والشهر والسنة، ففي الثامن من شباط عام 1992 يقوم المواطن ألكسندرتيخونوف بخنق الطبيب نيكولاي متروبان لأنه رفض إجراء عملية جراحية لابنه إلا بعد دفع مئة دولار، فتسبب ذلك بوفاته!

وفي 24 شباط من العام نفسه يقتل الشاب فيتالي ميدفيدوف العجوز كاترينا وهو يحاول سرقة شقتها، وفي العشرين من الشهر نفسه نقرأ عن جريمة أو مذبحة لها علاقة بالمخدرات، فإذا نحن أمام ((خراب روحي أصاب كثيرين، أينما تلتفت فلا تجد إلا عصابات وسرقات ومخدرات وجرائم قتل، والغزو الأجنبي الذي تعرضت له روح مواطننا اقتلع كل الأشياء الجميلة)) ص187

أحمد وأصدقاؤه السوريون يعيشون في اتحاد ينهار، وكل يجد طريقة للعيش، لكن الحب ينبض في قلب ((هزار)) الدمشقية التي تستمر في ترميم بناء الأمل في نفسها إلى أن تنهار وتنتحر بالسم وترشد أحمد إلى عنوانها الجديد في في القبر 1212 في مقبرة باب الصغير ..

لماذا انتحرت هزار مع انهيار الاتحاد السوفييتي ، ولماذا تشير الصفحات التي تتضمنها الرواية إلى حالات نعيشها نحن في سورية التي تحارب منذ خمس سنوات جبروت الارهاب والأطماع والصراع السياسي والاقليمي ؟!

تحتاج رواية الدكتور هزوان الوز وزير التربية السورية، التي كان عنوانها ((سرير من الوهم)) تحتاج إلى قراءة نقدية معمقة، ومن حقنا أن نسأل عن سبب طباعتها في هذا الظرف الذي تعيشه سورية ، فالمعطيات تأخذ القارئ إلى الماضي والحاضر معا ، علما أنها مكتوبة كما هو معروف قبل أكثر من خمسة عشر عاما..

يمكن للقارئ أن يسقط حال الناس هنا على حال الناس هناك، لكن من أصعب النقاط التي قد ترد على ذهن القارئ هي أن تنهار سورية كما انهار الاتحاد السوفييتي !!

سورية لايمكن أن تنهار ، ولذلك كان ينبغي أن لاتموت هزار ..

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى