أحوال الدنيا

أصنع إرثك كي لا يلعب به غيرك !!

د. فؤاد شربجي

مع بلوغه الثالثة والتسعين انتبه روبيرت مردوخ إلى أن في وصيته، لتوريث إمبراطوريته الإعلامية إلى أبنائه، ما يهدد إرثه في الخط التحريري الذي يريده أن يستمر من بعده ليحيى ذكره. وتأكد مردوخ أن ابنه جيمس صاحب ميول تقدمية، ‏وانه ضد خط ‏والده التحريري. كما أيقن أن ابنته اليزابيث ليبرالية تضر بتوجهه اليميني المحافظ. بينما ابنته برودانس فهي حيادية وطبعا ليست يمينية. وحفاظا على إرثه في الخط التحريري اليميني المحافظ والشعبوي المحرض قرر تعديل وصيته ليجعل كلمة ابنه ‏لاكلان العليا في القرار التحريري وفوق كلمة أخوته، خاصة وأن لاكلان مثله يميني محافظ وشعبوي محرض. وهكذا نشأت المشكلة ‏بين مردوخ وأولاده حول الوصية وتعديلها. ووصلوا إلى ساحات القضاء الذي حكم في إحدى درجاته الأسبوع الماضي، برفض تعديل الوصية. ولكن مردوخ لم بستسلم ويريد أن يتابع معركته من أجل إرثه بأن يستأنف القضية أمام المحاكم، ولو كان على حافة قبره للحفاظ على الخط التحريري الذ ي يمثله ويشكل إرثه ويحيي ذكره بعد موته ‏على مبدأ اصنع إرثك وحافظ على ذكرك كي لا يصبح امرك بيد غيرك.

‏في العام 2006 كتب روبرت مردوخ وصيته التي تعطي ابنائه الأربعة الكبار، جيمس و اليزابيث وبرودانس ولاكلان، السيطرة المتساوية لكل منهم في تسيير وملكية إمبراطوريته الإعلامية التي تصدر وتبث تلفزيون فوكس نيوز- وفوكس بزنس- وجريدة الصن الشعبية- وجريدة الأسترالي المحافظة- وجريدة وول ستريت جورنال- ونيويورك بوست الشعبية- ومؤسسة فوكس لإنتاج البرامج والمسلسلات. وسمى مردوخ وصيته ب (وثيقة الثقة والوئام العائلي) وجعل هيكلها القانوني يمنع مؤسسها من تعديلها بما يضر المستفيدين منها. وهذا ما يجعله يواجه صعوبات قضائية في تعديلها، والحفاظ على ما يريده، من خط تحريري يميني محافظ وشعبوي محرض.

‏مردوخ فهم أهمية (الخط التحريري الإعلامي) واستوعب قدرته على إحياء إرثه بعد موته، بتكريس معنى شخصيته الإعلامية اليمنية المحافظة والشعبوية المحرضة. لذلك فهو، ومن على حافة قبره، يقاتل حتى أبنائه لتعديل وصيته وضمان استمرار إحياء إرثه. رغم يمينيته عرف مردوخ أهمية الإرث، ويعمل على ضمان معناه وإحياؤه المستدام ويرجحه على (ثقة وتناغم العائلة). بالفعل إرثك يحيي حقيقتك بعدك ويديم ذكرك بعد موتك. وكل يعمل وفق معناه ويذكر به. وكل يستمر بعد موته بإرثه إن أستطاع أن يشحنه بطاقة استدامة تحييه. إنه الخط التحريري قلب وروح أي إعلام مهما كان.

بوابة الشرق الأوسط الجديدة

 

لزيارة موقع بوابة الشرق الاوسط الجديدة على الفيسبوك

لزيارة موقع بوابة الشرق الاوسط الجديدة على التويتر

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى