أمريكا أخلاقيا
كنا نتناقش حول المسألة أخلاقيا حين طرح أحدهم هذا الرأي : دعونا و لو مؤقتا من الأمثلة الصغيرة كقطع الأزهار و صيد الطيور و تأنيب الأطفال ، فهذه كلها أحداث لا غنى عنها كما يبدو ، و لنطرح مسألة أخلاقية ضخمة مثل الأخلاق في الولايات المتحدة الأمريكية، هل نجد في تصرفاتها و سمعتها ما يبرر مثلا تأليف كتاب في الإقتصاد عنوانه :” الإنهيار القادم لأمريكا ” لمؤلفيه : هاري فيجي و جيرالد سوانسون أن التضخم الفاشي عن تفاقم العجز في الموازنة الأمريكية وصل إلى أكثر من 4000 مليار دولار سوف يدمر النظام الأمريكي قريباً.
و هكذا تضخم النقاش واحتد حين شرع المتكلمون يطرحون الأخبار و الأفكار حول أمريكا مثلا كغزارة إرتكاب جرائم القتل والسرقة وغيرها من معلومات ، و مع ذلك ظل النظام الأمريكي صامداً في تماسكه وسيطرته على الأسواق بالرغم من إتهام هذا النظام أنه غير أخلاقي غير أن أحداً لم يعد يطرح فكرة إنهيار النظام كأنما لم يعد من المناسب حشد عيوب النظام الكثيرة لتأكيد فكرة الإنهيار وبالتالي بالعكس ظل النموذج الأمريكي الأكثر شهرة و قدرة على إختراع الأفكار وترويجها. خذوامثلا البنطال الأزرق الذي يرتديه عادة رعاة البقر Cow Boy هناك كيف صار إرتداؤه موضة رائجة للرجال والنساء بشكل ساحق في العالم أجمع حتى بشكله الممزق أحيانا الذي ترتديه الصبايا اللواتي يتباهين كما يبدو بإظهار مساحة جذابة من أفخاذهن عبر الشقوق الممزقة ، وغير ذلك من مظاهر وتقاليد لا علاقة لها إطلاقا بالخلق الحسن كالحروب الصغيرة والقتال العنيف في الأفلام و الصحف ونشرات الأخبار و غيرها مما يتنافى مع الأخلاق ، ومع ذلك فإن موضات اللبس وأكل السندويش ومسابقات السيارات والملاكمة والمصارعة الوحشية وغيرها مازالت رائجة .. فأين هو المنطق الذي يقنع بأن مسألة انهيار النظام الأمريكي باتت قريبة ، وبالتالي : ما هو تعريف السلوك الأخلاقي إذن على أرض الواقع و في كتب الفلسفة و الإجتماع ؟
إسألوا أنفسكم الآن : هل سينهار حقا النظام الأمريكي قريباً أو بعيداً كما قالت و تقول الكتب و المناقشات والأفلام والصراعات المختلفة قريباً أم ستنشأ تعريفات جديدة للمسألة الأخلاقية التي آمنا بها ودرسناها ونقلناها وسعينا إلى تطبيقها ؟ أم أنها مسألة تحتاج إلى المراجعة والدراسة و الأفكار التطبيقية الجديدة والممكنة ليس في أمريكا فقط بل في العالم أجمع ؟..