ايقاف أحد أبرز قيادات الواجهة السياسية للنهضة
ايقاف أحد أبرز قيادات الواجهة السياسية للنهضة… ألقت الشرطة التونسية القبض على القيادي المعارض البارز وأستاذ القانون الدستوري جوهر بن مبارك ليل الخميس الجمعة، على ما أفادت شقيقته المحامية دليلة مصدق في تدوينة عبر صفحتها الرسمية على الفايسبوك ما يشير إلى أن حملة الإيقافات التي طالت خصوصا شخصيات معارضة لا تزال مستمرة فيما يشدد الرئيس التونسي قيس سعيد على ضرورة المضي في نهج المحاسبة تلبية لمطالب الشعب.
وقالت مصدق “تم توقيف جوهر في ساعة متأخرة من ليلة أمس (الخميس) ولم نطلع بعد على ملف التوقيف”.
وبن مبارك (55 عاما) أستاذ جامعي في مادة القانون الدستوري ومعارض شرس ينتقد قرارات الرئيس التونسي بتولي السلطات في البلاد منذ العام 2021 ويصفها بأنها “انقلاب دستوري”.
وقد أطلق مبادرة سياسية معارضة تحت شعار “مواطنون ضد الانقلاب” ما جعله عرضة لانتقادات واسعة بعد ان كان من بين المنتقدين لحكم حركة النهضة.
ومنذ بداية شباط/فبراير اعتقلت عشر شخصيات على الأقل معظمهم من المعارضين الأعضاء في حزب النهضة وحلفائه، بالإضافة إلى مدير محطة إذاعية خاصة كبيرة ورجل أعمال نافذ وناشطين سياسيين وقضاة.
وكان بن مبارك وهو قيادي في “جبهة الخلاص الوطني” التكتل المعارض لسعيّد، من الداعمين للرئيس سعيّد خلال حملته الانتخابية في العام 2019. لكن منذ أن أعلن الرئيس التونسي تجميد أعمال البرلمان وحله لاحقا وتولي السلطات في البلاد في 25 تموز/يوليو 2021 ضمن الإجراءات الاستثنائية أصبح معارضا له ويقود باستمرار تظاهرات احتجاجية منددة بقرارات الرئيس.
ويتهم قيس سعيد بعض الموقوفين بأنهم “إرهابيون” و”بالتآمر على أمن الدولة الداخلي والخارجي”.
والخميس اعتقل والد بن مبارك الناشط السياسي المعارض عزالدين الحزقي ثم أطلق سراحه بعد ساعات مشددا على انه تم تفتيش منزله.
وأكد الحزقي في تدوينة عبر صفحته الرسمية على الفايسبوك أن تعامل الفرقة الأمنية معه كان “تعاملا طيبا طغى عليه طابع الاحترام والتفاعل بذكاء مهني ومعرفي”.
ومن جهة أخرى اعتقل نحو عشرين من رجال الشرطة في زيّ مدني الأمين العام للحزب الجمهوري عصام الشابي مساء الأربعاء في أحد شوارع مدينة أريانة المتاخمة للعاصمة تونس، كما ذكر رئيس “جبهة الخلاص الوطني” المعارضة أحمد نجيب الشابي.وفي الليلة ذاتها تم توقيف الناشطة السياسية شيماء عيسى.
واستنكرت حركة النهضة الإسلامية وهي جزء من جبهة الخلاص اعتقال جوهر بن مبارك و”عبرت عن تضامنها معه وعائلته”.
ونددت في بيان الجمعة بما وصفته “توسع حملة الاعتقالات العشوائية التي طالت المناضلين السياسيين المعارضين والنقابيين والاعلاميين ورجال الأعمال في مخطط واضح لتعفين الأوضاع والتنصل من مسؤولية الفشل والعجز وتردي الأوضاع على كل المستويات واتهام المعارضين بها”.
من جانب آخر قال رياض الشعيبي المستشار السياسي لرئيس “النهضة” راشد الغنوشي، الخميس، إن الأخير أبقي في حالة سراح بعد التحقيق معه في “قضية تتعلق بالإرهاب”.
وذكر الشعيبي أن “الغنوشي غادر الخميس، ثكنة الحرس الوطني بالعوينة (شمال العاصمة) بعد إبقائه بحالة سراح عقب ساعات من الاستجواب في قضية تتعلق بالإرهاب”.
وبشأن القضية التي يلاحق فيها الغنوشي، أوضح الشعيبي أنها “وشاية من عضو في نقابة أمنية (لم يسمها) يقول إنه يمتلك تسجيلا للقاء أو مكالمة بين الغنوشي وشخص آخر متهم بالإرهاب”.
وأشار إلى أن “الواشي لم يقدم أي تسجيل للفرقة الأمنية ورغم ذلك خضع الغنوشي للاستجواب”.
وفي تموز/يوليو 2022 تم إقرار دستور جديد إثر استفتاء شعبي، تضمن صلاحيات محدودة للبرلمان مقابل تمتع الرئيس بغالبية السلطات التنفيذية منها تعيين الحكومة ورئيسها.
ومطلع العام الحالي جرت انتخابات نيابية لم يشارك فيها نحو تسعين في المئة من الناخبين.
ويعمل “الاتحاد العام التونسي للشغل” (المركزية النقابية) مع منظمات أخرى على صوغ مبادرة لتقديم مقترحات حلول في مواجهة تأزم الوضع السياسي والاقتصادي والاجتماعي في البلاد.
وفي سياق ردود الفعل الخارجية إزء تواصل حملة الإيقافات أعربت فرنسا اليوم الجمعة عن “قلقها إزاء موجة الاعتقالات الأخيرة في تونس”، داعيةً السلطات إلى ضمان احترام الحريات، لا سيما حرية التعبير، وفق بيان للخارجية الفرنسية، نقلت فحواه سفارة باريس لدى تونس عبر موقعها الإلكتروني.
وأفاد البيان “حققت تونس تقدمًا كبيرًا في مجال سيادة القانون والحريات العامة منذ سنة 2011 ويجب الحفاظ على هذه المكتسبات الديمقراطية”.
وحتى الساعة 16.00 (ت.غ) لم يصدر تعليق من السلطات التونسية حول بيان الخارجية الفرنسية، إلا أنها عادة ما تؤكد احترامها للحريات والحقوق.
وانتقدت منظمة هيومن رايتس ووتش في بيان اليوم الجمعة حملة الاعتقالات وقالت إن “الرسالة في هذه الاعتقالات هي أنه إذا كنت تجرؤ على التحدث علانية، فيمكن للرئيس أن يعتقلك ويندد بك علنًا”.
واعتبرت منظمة العفو الدولية غير الحكومية في وقت سابق أن حملة الاعتقالات “محاولة متعمدة للتضييق على المعارضة ولاسيما الانتقادات الموجهة للرئيس” وحثت الرئيس التونسي على “وقف هذه الحملة التي لها اعتبارات سياسية”.
وقالت جبهة الخلاص اليوم الجمعة إنها لن تتوقف عن العمل لتوحيد المعارضة ضد الرئيس قيس سعيد رغم اعتقال كبار قادتها وأعلنت أنها ستنظم احتجاجا كبيرا يوم الخامس من مارس/آذار.
وأضافت أن “المعتقلين حضروا للنيابة العامة وهم مقيدو الأيدي وفي ظروف مهينة وسط تواجد مكثف ومدجج بالسلاح لعناصر الأمن”، مشيرة إلى أن “المشاورات الهادفة إلى توحيد القوى الديمقراطية التي تم اعتقال المعتقلين من أجلها لن تتوقف بل ستكثف وستثمر”.