تطرف الحرية ….
تطرف الحرية …غزانا التفاؤل ..( عندما بدأت نسائم الحرية تغزو مجتمعاتنا العربية).. على مستقبل حرية التعبير والاعلام والصحافة فيها … التي سيكون بالتأكيد تحرير الفكر والكلمة والاعلام احدى أهم نتائج هذه الصحوة العربية .. خاصة بعد السنوات العجاف من القمع والإسكات
لتكون انطلاقة حقبة جديدة تفسح المجال أمام أجيال المستقبل ليعوا تماما معنى حرية الكلمه وابداء الرأي وحرية التعبير …حقبة سوداء توقعناها مضت.. حرمنا خلالها من حرية الرأي والتعبير تحت مسميات اضعاف الشعور القومي .. ووهن عزيمة الأمة ..
والنيل من هيبة الدولة .. الى ما هنالك من قوالب جاهزة لالباس كل من يتفوه بكلمة لا تناسب مصالح الطغمة الحاكمة جريمة بحق الدولة تستدعي استضافته في احدى الفروع الامنية لسنوات طويلة .. يتعلم خلالها بأرقى الأساليب الحضارية الانسانية كيف يعود الى بيت الطاعة .. ان عاد سالماً..!!
ولكن في ظل فوضى اليوم، التي يتخبط فيها الشعب من جهة والحكومات المنتخبة من جهة أخرى، ما تزال حرية الكلمة تائهة في دهاليز العقلية الأمنية المتوارثة من عهود الاستبداد .. أضافت عليها عقلية الحزب الحاكم على خلفية دينية منتجاً جديداً من القمع الفكري يتجسد بالتحليل والتحريم والتكفير .. !! لتكون النتيجة عقلية أمنية بمرجعية دينية .. قمعية .. فلم تعد تكفي تهمة وهن عزيمة الأمة ، ليتبعها تهمة مثل التعدي على الذات الالهية … والمساس بالمحرمات والمحللات … فعلى ما يبدو لن تتحرر الكلمة قبل أن يتحرر النظام الحاكم من كل أشكال الاقصاء والقمع والاستبداد بكل أنواعه من يرتدي العلمانية ليستأثر بالحكم ويلغي الأخر ….الى من يلبس العمامة الدينية ليستاثر بالسلطة ويكفر الأخر .. هما وجهان لعملة واحدة .. احتكار الحرية وقمع الأخر … ومعتقلات القمع الانساني المفتوحة الى اليوم لاستقبال كل متهم بمخالفة الوالي وحاشيته .. ما تزال اشارة استفهام حول مستقبل حرية الكلمة في زمن التحرر العربي ..
فلا يمكن لمجتمع أن يتحرر فعلاً إلا إذا أطلق حرية الفكر والعقل والكلمة .. وفتح المعتقلات لتحرير سجناء الرأي، وسمح للآخر بالتعبيرعن رأيه دون خوف من عواقب هذا الرأي .. طبعاً ضمن ضوابط أخلاقية وإنسانية بعيدة عن الاساءة والتجريح والتشهير، فجميع
المواثيق الدولية لحقوق الإنسان تؤكد احترام حق حرية التعبير، إلا ان الفقرة الثالثة من الفصل التاسع عشر من العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية قننت هذا الحق بإشارتها الى أن حرية التعبير يجب أن لا تمس حقوق الآخرين والنظام العام والنظام الداخلي للدول، بالإضافة الى المادة 20 من ذات العهد، التي تنص على تجريم “أية دعوة إلى الكراهية القومية أو العنصرية أو الدينية تشكل تحريضا على التمييز أو العداوة أو العنف”.
فالحرية تبقى في كل المجتمعات الانسانية مفهوماً نسبياً وليس مطلقاً ..لها حدود وضوابط .. تراعي مشاعر الأخرين وحرياتهم .. وحرية الكلمة المضبوطة باحترام المواثيق الدولية وحقوق الانسان، وحدها القادرة على محاربة التطرف الذي بدأ يتغلغل اليوم في مجتمعاتنا العربية كرد فعل طبيعي على الاستبداد والعنف المفرط .. وتغييب الحريات السياسية .. وإهمال الريف الذي يشكل النسبة الأكبر سكانياً والأضعف ثقافياً وعلمياً . إنها مسؤولية النظم الحاكمة .. فلا نريد حرية عشوائية فوضوية مدمرة تلغي الآخر وتقمعه تحت مسمى حرية الرأي والتعبير… ولا نريد حرية النظام الحاكم على حساب قمع الشعب … نريد فعلاً الحرية التي تساعدنا على بناء أجيال المستقبل بعيداً عن معتقلات الخوف ومحرمات المجتمع وحرية المتطرفين ..
ولكي نصل الى هذه المرحلة من الحرية المسؤولة نحتاج الى جيل كامل يتربى على حرية الرأي والتعبير ضمن مواثيق حقوق الانسان واحترام الآخر، فالحرية ليست مجرد شتائم واساءة وتجريح .. الحرية هي احترام وثقافة وتقدير فحريتي تنتهي عندما تبدأ حرية الآخر ..
على هذه الأسس من الحرية يقوم البناء… ويتحرر الوطن.