تزايد مخاطر تحول الصراع السوري إلى حرب إقليمية (رولا خلف)

 
رولا خلف

رد فعل سورية على الضربة التي وجهتها إسرائيل لقافلة أسلحة في الأسبوع الماضي كان خافتًا بصورة عامة، وغابت منه أي تصريحات عالية النبرة تهدد بالانتقام.
إسرائيل، من جانبها، أكدت الغارة، لكن الرسالة الموجهة إلى حلفائها كانت أيضًا أنها لا تسعى للتصعيد.
مع ذلك، حقيقة أن الرئيس السوري بشار الأسد الذي يفقد قبضته على البلاد باطراد في مواجهة ثورة مستمرة منذ عامين، يحتمل أن يتجرأ على تحدي تحذيرات إسرائيل المتكررة بشأن نقل قذائف مضادة للطائرات حليفه اللبناني، حزب الله، ينذر في حد ذاته بالخطر. والشيء نفسه ينطبق أيضًا على استعداد إسرائيل لتوجيه ضربة. وقد لا يكون هناك اشتعال وشيك، لكن المخاطر ارتفعت إلى مستوى أعلى بكثير.
ومع كل شهر يمر، يصبح جيران سورية أكثر انفعالاً وتنمو مخاطرة العدوى من الصراع. وعلى الرغم من كون إسرائيل في حالة حرب مع سورية، إلا أنها منذ وقت طويل تعتبر آل الأسد عدوًا يمكن على الأقل التنبؤ بما يفعل. ومع كون سورية في حالة فوضى، واحتمال سقوط أسلحة كيماوية وبيولوجية في أيدي جماعات ثورية في الوقت الذي يفقد فيه النظام سلطته، ربما تقنع إسرائيل نفسها بضرورة توجيه مزيد من الضربات العسكرية.
ويبدو من المستحيل منع الصراع من أن يصبح إقليميًا؛ لأنه لا توجد نهاية في الأفق للحرب في سورية. وحتى إن سقط الأسد في الأشهر القليلة المقبلة (لن يكون بإمكانه الاستمرار لمدة أطول) سيدوم الضرر الذي أحدثته وحشيته في سورية زمنًا طويلا. فالزعيم السوري يعمل على ضمان أن تأتي نهايته فقط على حساب انهيار سورية.
 ووصل الانقسام في الحركات الثورية إلى حد أن الفترة التي ستأتي في أعقاب تفكك النظام ستدع سورية تحت سيطرة حكم الميليشيات، بدلاً من أي حكومة متماسكة. وستتنافس كثير من القوات الثائرة ـــ وربما تصطدم بعنف ـــ مع جهاديي جبهة النصرة، الجماعة التي سجلت سلسلة من النجاحات العسكرية، في الوقت الذي يبدأ فيه الصراع من أجل دولة جديدة.ويزيد التهديد بأعمال انتقامية طائفية، خاصة ضد الأقلية من الطائفة العلوية التي ينتمي إليها أركان النظام ـــ إلى جانب الصراع الناشئ بين الأكراد والعرب ـــ من تعقيد الانتقال السياسي. وتأتي مشاعر الاستياء من الغرب، الواضحة بالفعل في مجتمع يشعر بتجاهل العالم له، بمستوى آخر من الصعوبات.
 ويقول إيميلي هوكايم، المحلل في المعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية في المملكة المتحدة: ”ليس من الواضح أن المنحدر الخاص بسقوط النظام حاد كما يقول البعض. نحن لا نزال نعتقد أن المرحلة الأخيرة هي سقوط الأسد. لكن هناك سلسلة من السيناريوهات التي لا تنهي الصراع”.
 ويبيّن أن هذا يشمل أن يصبح الزعيم السوري أحد أمراء الحرب الأكثر قوة من أعدائه، الذين يفشلون في الاندماج في قوة معارضة واحدة قوية.
 وأصبحت سورية أيضًا ساحة معركة إقليمية، حيث تظهر إيران ومنافستها الخليجية، المملكة العربية السعودية، اختلافاتهما. وهناك منافسة من أجل النفوذ لدى المعارضة السورية بين تركيا وقطر، المانحين الأساسيين للتمويل والسلاح.ويقول سمير التقي، أحد المستشارين السابقين للحكومة السورية: ”كل اللاعبين الإقليميين مشتركين الآن فيما يحدث في سورية، وقد يسوء الأمر أكثر. وتعتمد قدرتك على الخروج من هذه الحالة على إذا ما كان المجتمع الدولي مستعدًا لتحويل سورية إلى ساحة مفتوحة لتفريغ كل أزمات المنطقة”.
 ومع تحذيره من أنه لن يكون هناك شيء متروك لتحكمه سورية، يريد الأخضر الإبراهيمي، مبعوث الأمم المتحدة، من كلا الجانبين أن يعيّنا ممثلين من أجل حوار بشأن الانتقال السياسي.
 وخاطر معاذ الخطيب، زعيم المعارضة السياسية الرئيسة، بتنفير نظرائه من خلال الموافقة على محادثات في ظل الأوضاع الحالية، وهو ما يسقط جوهر موقف المعارضة الذي تمسكت به منذ فترة طويلة، وهو ضرورة رحيل الأسد أولاً. وفي نهاية الأسبوع، قابل الخطيب أيضًا وزيرا الخارجية الروسي والإيراني، وهذا تحرك آخر كان يرفضه في الماضي.
 والمعارضة محقة في إظهار بعض المرونة، لكن ليس من المرجح أن تمضي دبلوماسية نهاية الأسبوع إلى ما هو أبعد من ذلك. وحتى إن وافق الأسد على مفاوضات بشأن انتقال سياسي، سيكون هدفه استغلال العملية ــــ التي يعرف أنها ستنجح فقط في حال خروجه ـــ بدلاً من إنهاء تدمير سورية.

فاينانشال تايمز

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى