رواية تشاركية تنعطف بالمشروع الروائي السوري : سبعة كتاب يكتبون (القطار الأزرق) !
تقوم رواية (القطار الأزرق) على سردية النص الموحد التشاركي حيث اجتمع سبعة أدباء مختلفو الأساليب والقلم و التجربة على إنشاء نص جماعي يكسر نمطية الكتابة و يعكس رؤية جديدة للحياة.. فكان القطار الازرق حاملاً للفكرة والتجربة النصية معاً، فنقل القارئ لعالم خيالي وواقعي بنفس الوقت في سردية هي الأولى من نوعها ليس في سوريا فقط بل في العالم العربي.
ينتمي بعض كتاب الرواية إلى اتحاد الكتاب العرب ، وبعضهم لهم تجارب هامة وإصدارات لافتة، فالروائيون سهيل الديب ومحمد أحمد الطاهر ومحمد الحفري وعماد نداف أعضاء في اتحاد الكتاب كما فهمنا من أوساطهم والكاتبة فاتن ديركي وجمال سعيد الزعبي ليسا عضوين في الاتحاد ، بينما اشتهر الكاتب مقبل الميلع بروايته (مقبرة العظماء) التي صدرت في الولايات المتحدة الأمريكية باللغتين العربية والانكليزية .
شخصيات الرواية و هي شخصيات حقيقية
هؤلاء الكتاب الشركاء كانوا أبطال روايتهم بأسمائهم الحقيقية وهذه ميزة أخرى للرواية كل واحد منهم تحدث بلسان حاله وعن مأساته باسمه الحقيقي. فشخصيات الرواية و هي شخصيات حقيقية عفوية بسيطة تمتلك كل المقومات الشخصية الحية . و تعتبر الأحداث فيها أحداث حقيقية يمكن أن يكون المواطن السوري قد عاشها لذا كان تصويرها صادقا ،فالسردية كانت عن الحرب السورية وقد أراد الكتاب، كما أعلن في حفل التوقيع، تحريك الوسط الثقافي في مواجهة ركودها في الحرب بالفكر الثقافي بإنشاء نص جماعي يعكس رؤية جديدة للحياة بدأت بحلم ما لبث أن أصبح واقعا .
و عن آلية كتابة الرواية بين بعضهم البعض كانوا يجتمعون مرتين أو ثلاث مرات بالأسبوع لمزج الأفكار و يتولى واحد صياغتها في جسم وروح واحدة و بالإتصال الدائم مع الأستاذ مقبل المليع عبر وسائل التواصل الاجتماعي ، ثم تعود الصياغة لآخر، وهكذا.
لقاء مع بعض كتاب رواية (القطار الأزرق)
و كان لموقع بوابة الشرق الأوسط الجديدة لقاء مع بعض كتاب الرواية الذين اعتبروا الامر أشبه بالحلم بدأ بفكرة و تشظت لتصبح عشرات و مئات الأفكار و كما قال الروائي محمد الحفري فقد وجد الكتاب أنفسهم يشتغلون على أمل مجنون بما تعني هذه الكلمة من معنى ، لكنه نوع من الجنون المبدع فهي كما أجمع الأدباء السبعة من أشق الأعمال الأدبية، و أكثر ما خشيه الكتاب هو فوضى الكتابة فليس من السهل تشارك سبعة أدباء لكتابة عمل واحد مشترك، فدخلوا من الجهد الفردي إلى الجماعي و أنجزت الرواية الجماعية بتجربة نادرة .
الكاتب جمال الزعبي تحدث عن تجربته الجديدة في كتابة الرواية فهو كاتب للقصص القصيرة .
قال إن العمل الروائي هو حالة إبداعية فردية ودائما الروائي يريد ان يترك بصمة على عمله الروائي. لأن هذه الرواية تعكس أفكاره و روحه و ما يؤمن به فمن الصعوبة بمكان أن يكون العمل الروائي التشاركي به روح واحدة و هذا العمل به سبع أرواح . و من هنا كانت الصعوبة فكل مشارك بهذه الرواية له نظرته و فكره و أسلوبه الإبداعي لكنهاستطاع مع الكتاب الستة إثبات نفسهم و قدرتهم على تخطي الصعاب .
الكاتب مقبل الميلع وهو كاتب سوري مغترب يحمل الجنسية الأمريكية رأى أن الكتابة التشاركية في البداية كانت صعبة . لانها تجمع أعراق مختلفة و لكل كاتب أسلوبه و آراءه و من هنا خرجت فكرة السيناريوهات المختلفة في الرواية و كانوا كلما يختلفون يضعون سيناريوهات عديدة جديدة يختاروا منها ما يناسب الخط العام و الرواية و بالنتيجة يتفقون عليه و يسيرون عبره حتى وصلوا إلى نهايتها .
و هو فخور بأن تجربته كانت بمثابة تحدي نجح فيها خاصة بعد تجربة كان قد كتبها و كانت شبه تشاركية أيضا تحت عنوان ” مقبرة العظماء ” .
فكرة الرواية بدأت من حلم إجتمع عليه سبعة كتاب من مشارب و رؤى مختلفة
والأديب محمد الطاهر قال أن فكرة الرواية بدأت من حلم إجتمع عليه سبعة كتاب من مشارب و رؤى مختلفة كل منهم يمتلك فكره الخاص وينتمون إلى بيئات مختلفة إجتمعوا بمحطة القطار. كل منهم تحدث عن الواقع الذي عاشه المواطن السوري و عانى منه بالحرب ووضع رؤياه و فكرته و الهم الذي يحمله في هذا العالم . سواء كان همه شخص أو عائلة او مجتمع كامل. وقد شعروا أنفسهم أمام مسؤولية كبيرة فالكاتب مسؤول أمام المجتمع فعليه أن ينقل قضاياه و آماله و مشكلاته بطريقة موضوعية حيادية . و قد واجهتهم إختلافات كثيرة لكن في النهاية وصلوا لنتيجة واحدة و هذه النتيجة هي التي أوصلتهم للنجاح.
المرأة السورية لها مكانها الخاص في رواية (القطار الأزرق)
وصرحت الكاتبة و المحامية فاتن ديركي أن الفكرة جذبتها بطريقة كبيرة و رغم صعوبة التجربة إلا أنها كانت جميلة .
و أصرت أن تكون ضمن كتاب العمل لإثبات نفسها كأديبة لها وجودها بالمشهد الثقافي من جهة. لتثبت بأن المرأة السورية لها مكانها الخاص في المواقف الصعبة و الأزمات من جهة أخرى. و كان دورها بالرواية ووجودها برفقة ستة رجال بمكان منعزل ونائي سبب لها خوف و هاجس في متن القصة و كان عليها ان تكون الاخت و الام و الصديقة القوية و الصبورة بظل هذه الازمة التي نعيشها .
لذلك حاولت أن تبرز دور المرأة و قوتها و أن المرأة يمكن أن تكون مصدر الأمان و القوة للرجل . و انها قادرة على أن تقف جنبا إلى جنب معه في مواجهة الازمات و الحروب و هذا شيء أحبت أن تثبته من خلال هذا العمل .و قد شعرت بمسؤولية ما تقدمه كما تفعل في كل أعمالها . لأنها ترى أن الأدب رسالة و إن رسالتها بالحياة أن تقدم للقارئ الشيء الإيجابي و الهادف و بالنسبة لها لم تكن بالتجربة السهلة و كان عندها الشعور القوي بالمسؤولية.
اما الكاتب عماد نداف فقال إن الحرب جعلت المثقف مهمشا و في هذه الحالة على المثقف أن يفكر جديا بوطنه. و الرواية كانت فكرة ما لبثت أن كبرت و أصبحت واقعا على الورق”.
ومن جهته أعرب الكاتب سهيل الذيب عن سعادته بهذه التجربة. لأن الرواية ستثير أصداء هامة على الصعيد الثقافي ، مؤكدا أن احتفالية توقيعها أثبتت هذا الجانب.
وعندما سألناه عن تفاصيلها وإشكالية الكتابة الجماعية. أشار إلى أنه سينتظر النقد لكي يبحث في هذه المسألة..
الرواية 253 صفحة أخذ العمل عليها مدة سنة تقريبا حتى خرجت للعالم . تتألف من من ثلاثة فصول و 33 مقطع من القطع المتوسط . عن دار توتول للنشر .
من مقدمة رواية (القطار الأزرق) نقرأ:
إتفقنا أن نتشارك في حلم واحد مضمونه : كيف ستنتهي الحرب؟
كان لا بد من المحاولة للإبتعاد قليلا عن دائرة الضوء ثم على كل منا أن يغفو في الركن الذي هو فيه أن يغفو ليحلم . و يفكر لأن الحلم وحده الكفيل بتقديم رؤيا ما تخرج الجميع مما هو مغلق لنتوجه نحو الإنفتاح و النظر بعيون أكثر سعة ورحابة .