ما الفرق بين الشعر و النثر ؟
ما الفرق بين الشعر و النثر ؟ … وقفت طويلا على ما قاله الشاعر الألماني ” جوته ” ذات يوم :
( لا يكون الشاعر جديرا بلقب “الشاعر “. ما دام يقتصر على التعبير عن عواطفه الذاتية . و لكنه ما أن يستطيع تملك العالم و التعبير عنه .حتى يصير شاعرا و إذّاك لا ينضب له معين و يستطيع أن يظل جديدا على الدوام ..)
لا يشير هذا المقطع إلى الأسلوب الذي يتميز به النص الشعري على النثري. ليس في المضمون الفكري كأنه مقالة فقط بل في أسلوب العرض أو الشكل الفني الذي يتميز به الشعر عن النثر .ذلك أن الشاعر مطالب ألا يكتفي بعرض همومه وأفكاره الخاصة بل هو مطالب ألا يكتفي بعرض همومه و أفكاره و كأنه يكتب مقالة أو خطاب بأسلوب أشبه بفسحات جمالية عاطفية يبوح بها المشاعر و كأنه يصوغ نوعا من السرائر الداخلية أو المناجاة العاطفية للذات في كل شؤون الحياة و كأن الشاعر يجري حوارا داخليا لا يشبه إطلاقا أسلوب المقالات أو الخطب أو التحليل و كأنه يتحاور مع نفسه بعيدا عن أساليب الخطابة أو المقالات أو العروض التعليمية .
هذا هو الشعر كفن له خصائصه التي يتميز بها وحده في أسلوب عرضه عن كل الكتابات الأخرى .و كأن الشعر أغنية مصحوبة بالموسيقا نقرأ نصها اللغوي فنعرف أنها للشاعر ” فلان” قبل أن نقرأ إسمه أو نعجب إذا ما قرأنا إسم الشاعر المصاحب للنص غير الإسم الذي نعرف فنشكك انها ليست للإسم المرافق للنص و إنما هي لشاعر آخر نعرفه جيدا من خلال أسلوبه .
و هذا ما حدث معي شخصيا حين اضطررت إلى نشر بعض قصائدي في لبنان ذات عهد مضى حين فررت من بلادي إلى لبنان حذرا من إعتقالي آنذاك لأسباب سياسية و عشت هناك ثلاثة أعوام تقريبا بإسم مستعار ( فؤاد الشامي ) فعرفني بعض قراء الصحيفة التي نشرت فيها قصائدي الجديدة هناك و جاؤوا إلى دار الصحيفة و قالوا للمشرفين عليها أن تلك القصائد هي للشاعر السوري ” شوقي بغدادي ” و ليست لفؤاد الشامي ، فسرني ذلك أن أسلوبي صار له طابعه الشخصي الخاص في أي موضوع نشرت فيه تلك القصائد بإسم مستعار لم يصدقه القراء الذين جاؤوا إلى مقر إدارة الجريدة التي كنت أنشر فيها قصائدي هناك بإسم ” فؤاد الشامي ” …