مخيمات العار …
مخيمات العار لن نتحدث عن مشكلة اللجوء السوري الى دول الجوار وما دار حولها من لغط وتجاذبات ورمي اتهامات ، فقد تم الحديث كثيراً عنها مؤخراً وتغطيتها اعلامياً بشكل مكثف .. ولكن يقلقني حالة الجمود الانساني الغريب وتمّوت الحس البشري الفريد من نوعه بالتعامل مع هذا الموضوع بلا مبالاة وإهمال كبير .. فعادة عند أي حالة مشابهة يسارع المجتمع الدولي لمد يد الدعم والعون والمساعدة واحتواء مشكلة اللجوء بإقامة تجمعات سكنية ومخيمات أقل ما يقال عنها احترام حق الانسان بتأمين حياة مقبولة ضمن ظروف الواقع المحيط … ولكن ما يحدث اليوم على الحدود السورية .. يثير الاستغراب .. لماذا هذا الاهمال المقصود لوضع اللاجئين السوريين على الحدود ؟؟ وأين المنظمات الانسانية والدولية الاغاثية ؟؟ وفوق كل هذا أين المساعدات المالية التي تحدث عنها أصدقاء سوريا ووعدوا بتقديمها للائتلاف الوطني وقبله المجلس الوطني لاغاثة الشعب السوري ؟؟ وهل تحولت قضية الشعب السوري الى تجارة رابحة لممولي الحروب وتجارها ؟؟
في كل مقالاتي لا أستطيع سوى أن أطرح الكثير من الأسئلة خاصة حول الوضع السوري والأزمة السورية لأنني لا أملك اجابات ، بسبب ضبابية الواقع وعدم وضوح الرؤيا والتحليلات والتوقعات .. فرغم ادعاء الغرب والعالمين العربي والاسلامي دعمهم لثورة الشعب السوري.. إلا أنهم يظهرون، وبشكل واضح، تخاذلاً واهمالاً في البحث عن حل ينقذ الشعب السوري من حالة الدمار المقصود الذي تبناه طرفا الصراع وحليفهما الدوليين على سوريا من خلال دعم السلاح والحل العسكري فقط ،على حساب الحل السياسي .. اضافة الى ابتعادهم عن تبني التدخل العسكري لحسم الصراع ، واتباع سياسة النأي بالنفس التي اتبعها أصدقاء سوريا بعد مجموعة من المؤتمرات البروباغاندية الاعلامية .
تصريحات طنانة وشجب ورفض وتنديد رافقه ادخال سلاح وجهاديين ودعم لا محدود للنظام ليستمر بحله العسكري هو أكثر ما قام به الى اليوم المجتمع الدولي .. وما هو إلا دليل راسخ على أن الهدف تدمير ذاتي وممنهج للمجتمع السوري .
واليوم تلقي قضية المهجرين بثقلها على الأزمة السورية لتتحول الى أزمة انسانية خطيرة تنقل صورة مأساوية عن وضع مخيمات تغرق في الفقر والجوع وتطفو على مستنقع من الذل … تنبؤ بأن المؤامرة هي تدمير وقتل وذل للشعب السوري وينفذها النظام السوري والمعارضة السورية بطريقة تعاملهما مع الأزمة .. النظام بعنجهيته وعنفه وقمعه واستبداده ورفضه الاعتراف بالأخر.. والمعارضة بتشرذمها وتمزقها ولهاثها خلف الغرب واهمالها الشعب السوري وعجزها عن سد الفراغ السياسي الكبير الذي يملؤه اليوم المال والسلاح المتطرف ..
فالسوري العربي الذي احتضن آلام العرب وبكى أطفالهم وكان الصدر الحنون لتهجيرهم ..أصبح اليوم يدفع ثمن حلمه بالحرية والكرامة تهجيراً وقتلاً وتشريداً ..والذي فسح المجال لسياسات حكومات بعض الدول وتصريحات بعض مسؤوليها أن تعتبر السوري ضيفاً غير مرغوب فيه يشكل عبئاً اقتصادياً واجتماعياً غير محمول.. وتتسول باسمه اعانات دولية أصبح اليوم سلعة يتاجر بها العربي قبل الغريب ..
لتكون مخيمات اللجوء السوري عاراً على جبين الانسانية ..
سؤال أخير … متى سيصحى الضمير الانساني ليجد حلاً.. ليس لمخيمات اللجوء .. بل لاغلاقها وعودة السوري الى بلده بكرامة ..؟؟؟!!