هيلانة عطا الله تفند ماسمعته بدقة بالغة : أمسية قصصية مثيرة للاهتمام في دمشق !
في أول أمسية من نوعها، قامت الشاعرة هيلانة عطا الله بالإصغاء إلى فعاليات الأمسية الأدبية في المركز الثقافي العربي في الميدان ، ثم فنّدت ماقدمه القصاصون الأربعة من قصص وقدمت نقداً واسعاً ومهماً رغم أنها لم تراجع القصص واكتفت بسماعها، وكانت مداخلتها أكثر دقة من نص نقدي مكتوب.
وقد اتجهت النصوص القصصية في أكثر منحى ومدرسة نقدية، شارك فيها نخبة مميزة من الكتاب من بينهم منصور عيد الحاتم ورياض طبرة وفاتن ديركي التي قرأت نصوصا شعرية إضافية.
وتحدث القاص منصور الحاتم في قصته (الموت بالمجان) عن مأساة الموت التي خلفها مرض كورونا في عديدٍ من الأسر السورية . حيث تموت والدة توفيق بطل الحكاية جراء المرض بعد محاولات إنقاذها. وقد دافع منصور حاتم عن فن الواقعية واعتبرها من الفنون المتألقة في السرد القصصي.
وشاركت الشاعرة والقاصة فاتن ديركي بقصيدتين ومقتطف من قصة لها وهم (بائعة الخبز – صلوات – وصار رجلًا) وحكت فيما قدمته من قصة ” وصار رجلاً ” عن رسالة كتبها حدث سجين إلى والده. وجاءت هذه الرسالة بمثابة إعلان موقف رجولي ينم عن نضج ذهني من قبل هذا الحدث في مواجهة الأب.
وقالت وكالة سانا السورية إن القاص رياض طبرة ألقى قصة مشبعة باللغة الشاعرية حملت عنوان “الشرفة”، حاكى من خلالها الواقع الاجتماعي ومعاناة الناس من وباء كورونا ومن تداعيات الحرب الإرهابية والحصار الاقتصادي وما سببته من ظروف معيشية صعبة.
” التحولات.. حدث غدًا ” كان عنوان القصة القصيرة التي شارك بها القاص عماد نداف والتي كانت قصة لافته تتحدث عن مآلات سوسيولوجية قد تساهم في تأجيج نيران الصراع والنزاع ، ودعا من خلال قصته إلى التمسك بالمشاعر النبيلة التي تقوم عليها قيم التعايش وعلى رأسها ” الحب” ، ونبذ الكراهية وتحصين الذات ضدها وإلا وقعنا دوماً في ذئبية داهمة لامناص منها تلتهم إنسانيتنا حتى لايبقى منها شيء .
وقد عبر عدد من السادة الأدباء الحضور عن إعجابهم بفنيات القصة وبرسالتها ومما تم التطرق إليه نقتطف ماقالته الشاعرة والناقدة هيلانة عطا الله : ” أصرَّ القاص على فكرة الحُب ولامست القصة في جوها العام جو الروايات ” وأشادت الأستاذة عطا الله باشتغال القاص على مختلف مناحي القصة من مكان وشخصيات وحوار وصولاً إلى الخاتمة المدهشة والموفقة جداً حسب تعبيرها.
وقد تمثلت الخاتمة بعواء ذئبي يصدر عن الشخصية الرئيسية والذي هو شاب تخلى عن الحب فصار ذئباً هو وكل من تخلوا عن الحب في تلك المدينة .وعلى الصعيد الأسلوبي رأى الأديب والصحفي سامر منصور أن القاص عماد كان موفقاً “بالانتقال من واقعية تنضح بالتفاصيل المعبرة نحو فنتازية وعجائبية موظفة بشكل موحي “. وفق تعبير منصور.
وكان ختام المشاركات مع القاص رياض طبرة حيث شارك بقصة بعنوان (الشرفة) جاءت الحكاية فيها : “بقالب فنتازي وجاءت خلاصة الرسالة فيها عبر عنصر الحوار ، واتبع القاص رياض أسلوبياً تقنية التورية فجاءت قصة موحية وبدا كأن القاص أراد من خلالها قول كل شيء دفعة واحدة عن معاني الوجود والحياة خلال حوار شخصيته الرئيسية مع المارد . ومع ذلك لم يخرج عن الفكرة الرئيسية التي تكرس قيمة الحُب وتظهره كمفتاح للأبواب التي تخبئ الحياة خلفها أجمل ما فيها. ومما قرأه نقتطف:
” للمرة الأولى يزهر الربيع في بلادي قلقًا وهلعًا ووجعًا في الروح يمنعنا أن نخرج حفاظًا علينا للمرة الأولى تكتبنا الأحداث شهودًا لم نرَ خلالها ما نشهده ولا نرى شيئًا سوى ما يريدون أن نراه الشتاء في بلادي لم يتوان عن العبث بالربيع فجاء صاخبًا مرعدًا.
وأشاد السادة الحضور بالقصة وتناولوا بعضاً من تكويناتها الفكرية والفينة وقد تطرقت الشاعرة والناقدة هيلانة عطا الله بدورها إلى أبرز عناصر قصة (الشرفة) التي لفتتها: ” الخطف خلفاً ، الحوار ، التناص”.. وأثنت على القصة ورسالتها المتمثلة بربط معنى الحياة بالحب.
وفي الختام عبر عددٍ من الكتاب والأدباء ونذكر منهم السادة ” الدكتور الباحث الأرقم الزعبي ، الأديب والمسرحي القدير محمد الحفري ، والقاص سهيل الديب ” وآخرين .. عبر آراء وملاحظات موضوعية قيمة تتسم بشفافية كبيرة غير معهودة في الأمسيات الأدبية المقامة في بلدنا عادة.