و للعلماء عشقهم
و للعلماء عشقهم… عٌني العرب بالحب كثيراً وامتلأ أدبنا العربي بأخبار العشاق وأشعارهم وقد حفل تراثنا يكثير من المؤلفات الخاصة بالحب ومن الملاحظ أن عددا كبيراً من العلماء في تاريخنا قد ذاقوا الحب و قاسوا من عذابه كما نعموا بسعادته ، و لعل أهم من إعتنى بتأليف عنه العالم و الباحث الدمشقي ” صلاح الدين المنجد ” – رحمه الله – في كتاب خاص نستفيد منه في حديثنا هذا لنرى أن معظم هؤلاء العلماء كانوا من دمشق ، وهذا بعض ما ورد في هذا الكتاب .
وأقدم هؤلاء العلماء مثلا هو السراج الحنبلي و إسمه ” جعفر بن احمد ” و كان عالماً كبيراً في الحديث النبوي وقد نظم أشعاراً كثيرة في الزهد والعفة والحب ، وألف كتاباً رائعاً سماه “مصارع العشاق ” ومن أشعاره :
وعـدت بـأن تـزوري بـعد شهرٍ فزوري قد تقضى الشهر زوري
و أشهر هجرك المحتوم صدق ولكن شهر وصلك شهر زور
و مثله ” محمد بن داود الظاهري ” الذي ألف كتاباً رائعاً سماه ” كتاب الزهرة ” و جعله في خمسين باب في موضوعات الحب المتنوعة.
و منهم أيضاً ” الإمام شمس الدين محمد بن أبي بكر ” الزراعي الدمشقي وقد ألف كتاباً سماه
” منازل الأحباب و منارة الألباب ” و من أشعاره :
يامن أضاف إلى الجمال جميلا لا كنت إن طاوعت فيك عذولا
عوضتني من نار هجرك جنة فسكنت ظلا من رضاك ظليلا
و لرب ليل مثل وجهك بدره و دجاه مثل مديد شعرك طولا
و منهم العالم الحنبلي الكبير ” جمال الدين يوسف بن حسن الدمشقي ” و له في الحب تآليف كثيرة و توفي عام 909 هـ ، و دفن بسفح قاسيون بدمشق .
وآخرون كثيرون ومعظمهم عاشوا في العصور المسماة عصور الإنحطاط و الطريف في أخبارهم كلهم أن أكثرهم كان من كبار المؤلفين في ” البحوث الدينية ” و العاطفية في تجارب العشق و معاناتهم فيها على إختلاف مذاهبهم الفقهية .. و لعل ألطف ما يقال عن هؤلاء العشاق أنهم كانوا من كبار العلماء في أمور الفقه و اللغة و العشق معا .
هذا بعض من تاريخنا الذي جمع أهم صنوف العلم والبحث الجاد في أمور الفقه ، كما غرق حتى مشايخهم في بحار العشق بكل أنواعه و أصنافه تكريماً لهذه العواطف الإنسانية في مختلف أهوائها .