آن الأوان لعمل عربي مشترك : تأجيل التناقضات الثانوية جزء من الحل !

 

 

يتفق السياسيون والمفكرون والمحللون العرب جميعاً على رداءة الحال العربي، ووصوله إلى أقصى درجة من الخطر، وبالإضافة إلى ذلك تنشغل الأطراف العربية بقضايا كبرى، وكأن هذه القضايا رسمت بعناية بحيث غدت سمات الوضع العربي الحالي، كما يلي:

  • صراعات داخلية تدمر البُنى الاقتصادية والاجتماعية والسكانية اشتعلت منذ عقد كامل من الزمن، ولم تتوقف بعد .
  • صراعات عربية ــ إقليمية على أكثر من صعيد وهذه الصراعات تستنزف القوة الاقتصادية والعسكرية العربية بشكل مريع .
  • صراعات عربية ــ عربية تحتاج إلى جهود جبارة ومتواصلة لحلها

ونتيجة لهذه الظروف، غدت الكيانات الوطنية العربية ضعيفة، وصل بعضها إلى درجة الخطر الوجودي، وهي مهددة بالتفكك، وغدت فكرة العمل العربي المشترك مجرد وهم، أي أن ثمة استعصاءً تاريخياً لم تشهده المنطقة العربية منذ زمن طويل.

والسؤال دائماً يتعلق بالمستقبل، فما الذي سيحمله المستقبل من جديد، وهل يمكن الرهان على خطوات إنقاذية؟!

المستقبل العربي اليوم في مهب الريح، ويمثل عامل الانهيار فيه نسبة كبيرة تصل إلى مئة بالمئة، وعنوان هذا الانهيار حقبة من الانحطاط الحضاري والاقتصادي والتنموي تمتد طويلاً إذا لم يجر العمل على تدارك هذا الخطر بعمل عربي واسع ينقل هذا التدهور إلى مرحلة وقفه، لأن وقف التدهور الآن هو مطلب أساسي وحاسم من أجل مشروع وطني وقومي غير معزول عن مصالح جميع المكونات العربية وتوجهاتها السياسية .

فمتى يتم الشروع بالعمل العربي المشترك لتدارك الخطر؟ وهل يمكن تبرير أي تردد على هذا الصعيد ؟!

المصلحة القومية الروسية في الحرب العالمية الثانية شكّلت دافعا للتحالف مع الأعداء، لمواجهة عدو أخطر هو النازية، وفي الإستراتيجية التي جرى الشغل عليها وصل العالم إلى تجاوز حقبة الخطر النازي، بل والتغلب عليه ، وتحديد نهايات سريعة للحرب العالمية الثانية، وكانت اتفاقية (يالطا) شكلاً من النظام العالمي الجديد الذي أعقب الحرب، حتى وإن انتقدت كثيرا فيما بعد!

الذي حصل أن الصراعات المؤجلة عادت ، وجرى السعي لحلها في مرحلة الحرب الباردة، لكن الكيانات المهددة بالانهيار مالبثت أن حصنت نفسها وظهرت أوروبا التي نعرفها اليوم والاتحاد السوفييتي التي تمثله اليوم روسيا بشكل نسبي .

إذن نحن بحاجة إلى إستراتيجية عربية تحدد الأهداف الحالية المشتركة التي تدرأ الخطر، وتعول على تجاوز الصراعات المؤقتة والبحث عن سبل أكثر جدوى من الصراعات الجانبية.

وأول عناوين هذه الإستراتيجية هو الانكفاء نحو الداخل العربي، وكف يد الخارج عن التدخل في الشأن العربي، وإذا كان ذلك صعباً كما يبدو لأول وهلة، فإن تباشير نظام دولي جديد تساعد على ذلك، ويمكن اغتنام الفرصة والسعي لحوار عربي جدّي ومسؤول، وعلى العرب الاستفادة من الوقت المتبقي قبل الانهيار الكامل!

 

 

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى