تحليلات سياسية

دراسة إسرائيليّة: أردوغان يستغل أزمة الأقصى لإثارة معاداة الصهيونيّة والساميّة

دراسة إسرائيليّة: أردوغان يستغل أزمة الأقصى لإثارة معاداة الصهيونيّة والساميّة…تُواصل تركيا إقحام نفسها أكثر وأكثر في الاشتباكات الجارية في الحرم القدسي الشريف، تقريبا كما لو أنها تمثل عمليًا المصالح الفلسطينيّة، كما أنّ التحريض التركيّ المناهض لإسرائيل، الذي يحظى بتأييد واسع بين الفلسطينيين في غزة والسلطة الفلسطينية، ليس أمرًا جديدًا. لكن رعاة أنقرة للفلسطينيين تخفي أكثر من المشاعر الدينية، أمّا معاداة الصهيونيّة من قبل تركيّا، فهي تتطابق مباشرةً مع معاداة السامية، ويتّم التعبير عنها مرة أخرى من خلال الاحتكاك الحالي في القدس، بهذه الكلمات وصفت دراسة جديدة صادرة عن مركز بيغن-السادات الإسرائيليّ التصرّفات التركيّة في أزمة الأقصى الحاليّة.

ولفتت الدراسة إلى أقوال الرئيس التركيّ، رجب طيّب أردوغان في العشرين من الشهر الجاري، حيث قال: إنّ أيّ تقييد للمسلمين الذين يدخلون المسجد الأقصى غير مقبول، وأنّ العالم الإسلامي لا يمكن أنْ يبقى صامتًا.

وبشكل ملحوظ، أوضحت الدراسة، أشار أردوغان إلى الفلسطينيين الثلاثة الذين قتلوا في اشتباكات مع الشرطة بالشهداء، لافتةً في الوقت عينه إلى أنّه غالبًا ما يستخدم أردوغان مصطلح “المسلمين” بدلاً من “الفلسطينيين”. وفي اجتماع حزب العدالة والتنمية في 25 يوليو، أعلن أردوغان أنّ تل أبيب هي عاصمة إسرائيل، وأنّ القدس مُقدسّة للديانات الثلاث.

ورأت الدراسة الإسرائيليّة أنّ كلّ هذه التأكيدات، جنبًا إلى جنب مع دعوة اردوغان في وقت سابق للمسلمين بـ “تحمل المسؤولية” عن القدس، تهدد شرعية إسرائيل في الحرم القدسي الشريف، كما أنّ دعوة أردوغان لمسلمي العالم بالإكثار من زيارة القدس، وتحذيره بأنّ العالم الإسلامي لا يمكن أن يبقى صامتًا، رافقتها احتجاجات اصاخبة في اسطنبول ضدّ معبدين يهوديين، زاعمةً في السياق نفسه أنّ الهجمات على المعابد اليهودية من قبل المتطرفين الإسلاميين التركية هي للأسف ليست ظاهرة جديدة في تركيا، وتشمل الهجمات الإرهابية في نيفي شالوم في عامي 1986 و 2003.

وعلاوة على ذلك، زادت الدراسة، وخلال المواجهات العسكرية الإسرائيلية مع الفلسطينيين منذ ظهور حزب العدالة والتنمية، رُفعت لافتات ضدّ اليهود وليس ضدّ إسرائيل. كما دعت الصحيفة الإسلامية “ييني آكيت”، التي ردت بغضب على مسؤولين في الكنيس الأشكنازي في اسطنبول، الذين برروا عمليات الجيش الإسرائيلي في غزة في عام 2014، إلى تنظيم مسيرة ضدّ المعابد اليهودية. وفي أعقاب هذه الدعوة، أعلنت شبكات التواصل الاجتماعي عن “احتجاج بيض”. وفي 22 تموز (يوليو) من العام 2014، تجمعت مجموعة أمام كنيس أورتاكوي تحمل ملصقات معادية لإسرائيل وألقت البيض في المبنى.

وتابعت الدراسة قائلةً إنّ الحكومة التركيّة تُدين أحيانًا هذه الحوادث ولكنها لا تفعل شيئًا لمنعها، كما أنّها لا تُميّز بين إسرائيل والجالية اليهودية التركية. على العكس تمامًا، في الواقع: في المجتمع التركي، اليهود والإسرائيليين مترادفين أساسًا، وكذلك معاداة السامية ومعادية للصهيونية، على حدّ تعبير الدراسة.

وبحسب الدراسة، فإنّ هذه الطريقة في التفكير هي من أفعال أردوغان، مُشيرةً إلى أنّه في استطلاع للرأي أجري عام 2012، ادعى 46 بالمائة من الأتراك الذين شملهم الاستطلاع أنّ تصريحات أردوغان المناهضة لإسرائيل قد عززت معاداة السامية الخاصة بهم. وجزمت الدراسة الإسرائيليّة بأنّ نداء الرئيس التركيّ قلمّا يعرب عن قلقه لليهود الأتراك، وهذا الأمر هو مجرد محاولة لمحاولة غير دقيقة لرسم خط بين معاداة السامية ومعاداة الصهيونية، وعندما تتّم إدانة إسرائيل كدولةٍ إرهابيّةٍ، يصف اليهود الأتراك واليهود بشكلٍ عامٍّ كأهدافٍ تركيّةٍ، أكّدت الدراسة.

لكنّ الدين، استدركت الدراسة، ليس هو الحساب الوحيد للحكومة التركية في تحريضها ضدّ إسرائيل، فأنقرة لديها مصلحة كبيرة في خلق المشاعر المؤيدة لتركيًا بين الفلسطينيين، وهدفها هو الإطاحة بالأردن من موقعها كراعي للحرم القدسيّ الشريف، والحصول على الدعم على الشارع الفلسطيني على حساب الأردن. وسيكون ذلك من أجل نشر أيديولوجية الإخوان المسلمين، وحماس تحديدًا، وتعزيز الهيمنة الإقليمية لتركيّا.

ويتجسد هذا الهدف بتنظيم أحداث ثقافية ودينية، فضلا عن إنشاء ورعاية المنظمات الخيرية والمنظمات النسائية وحركات الشباب وما إلى ذلك، وتدير هذه القضايا القنصلية القنصلية التركية في القدس الشرقية والمنظمات التركية مثل وكالة التعاون والتنسيق التركية التي بدأت العمل في القدس الشرقية عام 2005.

وفي هذا السياق، فإنّ كلّ حادث أمنيّ أوْ عسكريّ تشترك فيه إسرائيل يشكل لبنة أخرى في الجدار السياسي والديني التركي ضدّ الدولة اليهودية، كما تُهدد تصريحات أردوغان شرعية الحكم الإسرائيليّ في القدس، وبالتالي فإنّ خطابه ضدّ إسرائيل/ اليهود يزيد من إلهام العرب والمسلمين ويعزز معاداة السامية داخل تركيا. واختتمت الدراسة قائلةً إنّه بالنسبة لإردوغان، يبدو أنّ إسرائيل ليست سوى أداة مفيدة لتعزيز رؤيته العثمانية الجديدة الطموحة، على حدّ تعبيرها.

صحيفة رأي اليوم الألكترونية

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى