أنسام صيفية

أزمة الشعر العربي (2 )

في أزمة الشعر العربي  ما هو الشعر إذن و بماذا يتميز هذا الفن عن الأنواع النثرية عموما كالمقالة و الخطابة و غيرها؟

أهم ما تبدأ به في إجابتنا على هذا السؤال هو وصف طبيعة الشعر كفن تعبيري. إنه الفن الذي يبدو أنه أكثر من غيره من الفنون في كونه التعبير الذي يوضح خصوصية الشاعر و كأنه يتحدث مع نفسه عن نفسه كبوح داخلي حتى و لو لجأ الشاعر إلى إستخدام الأسلوب الخطابي.

إذ يبدو الخطاب في هذا البوح الداخلي الشعري كأن الشاعر يستنجد من خلاله بالآخرين كي يعمق نسبيا ما يعتلج في أعماقه شخصيا ، وهذا أسلوب أقرب إلى المناجاة في حين أن فنون التعبير الأخرى كالقصة والرواية والمقالة والخطابة لا تركز تماماً على شخصية الكاتب كنوع بشري خاص كما في الشعر حتى و لو كان مجردا من إسم المبدع، و لعل خير مثال على ذلك قصائد الشاعر نزار قباني إذ تبدو لمعظم قرائه أن هذا النص الجديد عليهم و الذي لم يذكر فيه إسم الشاعر بعد هو نزار قباني بسبب طابع الخصوصية الشخصية للنص.

و يسرني بهذه المناسبة أن بعض قرائي في لبنان عرفوا من خلال مطالعتهم القصيدة المنشورة في إحدى الصحف اللبنانية بإسم الشاعر ” فؤاد الشامي ” و هو إسم مستعار لجأت إليه في ذلك العهد الذي هاجرت فيه إلى لبنان هربا من سلطات الوحدة مع مصر التي كانت تهددني بإعادتي إلى السجن الذي حبست فيه تسعة أشهر ظلماً و عدواناً فهربت إلى لبنان بعد إطلاق سراحي خوفا من العودة إلى السجن …فكيف إذن عرف هؤلاء القراء في لبنان أن هذه القصائد المنشورة بإسم ” فؤاد الشامي ” هي لشوقي بغدادي لا لغيره و هذا ما أستغربه فعلاً المشرفون على الصحيفة بالرغم من أنهم كانوا يساعدوني في التغطية على إسمي خوفاً من وصول أجهزة المخابرات السورية – المصرية النشيطة عهدئذ في لبنان إلى إعتقالي هناك من جديد ..

لنقل إذن أن الطابع الشخصي للشاعر يجب أن يكون معبراً عن شخصية الشاعر كنوعية بشرية و فنية متميزة حتى و لو لم تذكر الصحيفة إسم الشاعر !…

فماذا نسمي هذه الظاهرة في تعريف النص الشعري بالاسم الحقيقي حتى و لو كان لم ينشر مع النص ؟! فإلى اللقاء في حديثنا المقبل كي نتحدث عن المزايا الأخرى التي يتمتع بها النص الشعري الجيد .

بوابة الشرق الأوسط الجديدة

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى