أسرار وفاة المطربة ربى الجمال كما يرويها مسؤول إعلامي سوري !

 

خاص بوابة الشرق الأوسط الجديدة

كشف المدير العام الأسبق للهيئة العامة للإذاعة والتلفزيون في سورية أسرار عن الأيام الأخيرة للمطربة الراحلة ربى الجمال، مشيرا إلى أنه عايش وقائع  هذه الأيام من خلال موقعه، وقد أكد لموقعنا أنه لامانع من نشر هذه التفاصيل نظرا لدقتها ، وقد جاء فيها :

في أحد الأيام من عام 2004 اتصل بي صديق محترم ذوّاق للفن ليقول لي إنّ الفنانة السورية “ربى الجمال” عادتْ من القاهرة لتستقر في سورية، ومن المناسب أنْ تهتمّوا بها في الإذاعة والتلفزيون

قلتُ له: نحن جاهزون ولها علينا حق، بل واجب الاهتمام، لأنّها فنّانة كبيرة أولًا ولأنّها سورية ثانيًا.

على المستوى الشخصي كنتُ سمعتُ باسم “ربى الجمال” في مطلع التسعينيات من القرن الماضي كفنّانة سورية كانت تغني بالقاهرة وقرأتُ للناقد الموسيقي الراحل الأستاذ “صميم الشريف” ما قاله عنها: (لها صوت خارق لم أسمع مثيلًا له منذ خمسين سنة) . وبعد ذلك استمعتُ إلى صوتها في حفلتها في مجمّع صحارى في منتصف التسعينيات، وتبيّن لي أنّ صوتها (مِنْ) أجمل الأصوات الطَرَبية في الساحة الغنائية العربية، ثم أتيح لي سماعها عن قرب في سهرة عائلية بمنزل صديقنا نفسه، وكانت حاضرة فيها وغنّت بعد إلحاح الحاضرين، وصلة صغيرة من تشكيلة لأجمل أغنيات أم كلثوم، بدون تحضير وبدون موسيقى وبدون ميكروفون,

تكرّست قناعتي أنّ صوتها هو أجمل الأصوات الطَرَبية العربية، بالمطلق وبدون (مِنْ) رتّبنا زيارة لها إلى هيئة الإذاعة والتلفزيون، واتفقنا أثناء الزيارة أنْ تقومَ بتسجيل خمس أغانٍ في استديو الإذاعة، بالإضافة إلى إقامة حفل فني ساهر لاحقًا تغنّي فيه تلك الأغاني وأغاني أخرى تختارها هي، وكان انطباعي الشخصي عنها أنها: إنسانة محترمة دمثة الأخلاق لطيفة قليلة الكلام..

بدأ العمل بتسجيل الأغاني حسب الاتفاق، وأثناء التسجيل راجعَتْنا أكثر من مرة للشكوى من بعض الإشكالات حول التسجيل والفرقة الموسيقية والكلمات والألحان، وكانت تبدو بمزاج مضّطرب غير رائق، وفي إحدى المرات حاولتْ الاعتذار عن الاستمرار وكادتْ أن تبكي …

مع العلم أنّها هي التي اختارتْ، أو وافقتْ على كلمات الأغاني والملحّنين والفرقة الموسيقية، وأذكرُ أنّ أغنية أو أكثر من تلك الأغاني كانت من ألحان السيد ماجد زين العابدين وبناء على رغبتها ..

وكانت الشكاوى غير واضحة تمامًا، إلا أنّنا كنا نسايرها كثيرًا ونعاملها بكل محبة واحترام ونحلّ الاشكالات، فكانت ترضى وتعود لمتابعة التسجيل، وقبل انتهاء التسجيلات اتفقنا على تحديد موعد الحفل الفني وبدأتْ التحضيرات له، وأثناء بروفات الحفل عادتْ للشكوى مرة أخرى وكان مزاجها ازداد سوءاً .

كنّا دائمي التشجيع لها حرصًا منا على اكمال العمل وإعادة تقديمها للجمهور السوري بعد عودتها واستقرارها بسورية ، تم الإعداد للحفل بشكل جيد، واتفقنا أن يتم تسجيله وبثه في اليوم التالي مباشرة ، في يوم الحفل كان مزاجها سيئًا، وبدا واضحًا عدم انسجامها مع الفرقة الموسيقية وبالتالي عدم انسجامها بالغناء …

الأمر الذي وتّر الجو تمامًا بينها وبين الفرقة وبين الحضور، كانت الفرقة الموسيقية بقيادة الفنان ماجد سراي الدين، وهو من الموسيقيين المتميزين، خرِّيج المعهد العالي للموسيقى، وله باع طويل في قيادة الفرق الموسيقية، وقناعتي التامة أنّ سبب التوتر لم يكن باديء ذي بدء من الفرقة الموسيقية ، وربما كان مزاجها السيئ في تلك الفترة هو بسبب وضعها الصحي أو المادي أو الاجتماعي..

وبدون الدخول بتفاصيل ما حدث من إشكالات وتوقفات وإعادات وتعصيب، فقد انهارت على المسرح في ثالث أغنية … وأصيب بنوبة عصبية. اهتم بها كادر العمل من هيئة الإذاعة والتلفزيون، وقاموا بإسعافها إلى مشفى قريب، واتصل معي مدير إنتاج الحفل، وأعتقد أنه السيد أشرف غيبور، وبقيتُ أتابع التفاصيل معه حتى الصباح، ثم تابعتُ التواصل معه من مكتبي، وتبين أنها مصابة بجلطة دماغية، ونُقلتْ إلى مشفى آخر في دمشق، وعندما استقر وضعها خُرِّجت من المشفى وتم استئجار غرفة لها وشراء مقعد متحرك..

في لجنة البرامج قررنا تغطية تكاليف المشفى وآجار الغرفة وثمن المقعد المتحرك وباقي المصاريف المعيشية، وذلك باعتبار إصابتها نوعًا من إصابة العمل، ويتم الصرف مبدأيًا من أجورها المترتبة لها مقابل إقامة الحفل وتسجيلات الأغاني .. على أن يتم لاحقًا تسوية الصرف بحيث تتكفل الهيئة جزءًا من المصاريف بأكبر قدر تسمح به القوانين، وتم تكليف مدير الإنتاج نفسه بمتابعتها وتأمين كل ما تحتاجه.

تحسّن وضعها قليلًا .. ولكن، ودون الدخول بالتفاصيل أيضًا، تدهورتْ حالتها النفسية بعد فترة قصيرة، الأمر الذي أدى إلى تدهور حالتها الصحية. قام مدير الإنتاج بنقلها إلى المشفى .. حيث تُوفِّيتْ هناك رحمها الله.

حضر جنازتها عدد قليل من الناس كانوا من أقربائها ومن العاملين في الإذاعة والتلفزيون ، وبعد فترة تواصلَ معنا مطران الأرمن، وقال إنه يودّ زيارتنا ليسأل، بناء على طلب من أقربائها، إذا كنّا نستطيع إعطاء المبلغ المستحق لها لإبنها، وهو فتى عمره أقل من السن القانونية ويحمل الجنسية المصرية، واحترامًا لموقعه وقدره قمتُ بزيارته في المطرانية بباب شرقي برفقة المدير المالي آنذاك السيد “سامر شاهين” وشرحنا له كيف تعاملنا معها أثناء مرضها وحتى وفاتها وكيف تم الصرف

وأنّ المبلغ المتبقي لها جاهز للدفع شرط أن يقوم أي شخص من المطرانية أو من أقاربها بالتوقيع نيابة عن ابنها .. ولكن لم يفعل أحد ذلك، وحُوّل المبلغ لوزارة المالية حسب الأصول.

وأختم بالقول: إنّ صوتها كان نقمة عليها في مصر .. رحمها الله.

بوابة الشرق الأوسط الجديدة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى