كتاب الموقعنوافذ

الرسّام

الرسّام …هذا الشرق… ألوانه دائمة الأنين!

ـ 1

قال رسّام لموسيقي:
هل لك أن تعيرني فواصل الصمت في مقطوعتك الموسيقية… لكي أستخدمها في فراغ لوحتي ؟

                  ـ 2 ـ

لكي ترسم جسداً جميلاً…
اقطع غصناً يانعاً من بقايا شجرة هتكتها الشظايا، وضعه في ماءٍ فاتر ورحيم، ثم اشرب نعناعه في صمت، ثم اذهب، بعدها، مستهتراً جميلاً، ولا مبالياً متكئاً على غصنك الجميل، عكازةً لاجتراح المرتفعات… في شتاء بعيد !

                ـ 3 ـ

لكي ترسم هذه الآلام…
ارسم شجرة ثم يبّس غصونها، بسكين الألوان ، ثم اقطع جذعها، وشذّب ما تبقى منها ، ثم مدّدها على خلفية زرقاء، ثم … على مفترقات غصونها، مدّد جسداً ، ودقّه جيداً بمسامير من وحدته في لحظة موت!

ـ 4 ـ
لكي ترسم بيتاً…
ارسم جرافة. لونّها بالأصفر، واكتب عليها أكثر من لغة، بما فيها (العبرية ـ اليديش) . ارسم دخاناً ساذجاً يخرج من ذيلها.
صوب شفرتها نحو البيت، أو نحونا، في مسافة الوهم الفني، ودعها تئز، كانسحاق العظام…
لا تنس أن تصغّرها، لاحقاً، في اللوحة، على شكل رتيلاء…كأنها تغادر المكان.
ثم…
اشطب عليها، باللون الأحمر، ودع اليد العليا لما في قلبك من رحمة تؤكد شكل فرارها.
فلقد انتصر البيت المهدوم عليها!

                   ـ 5 ـ

لكي ترسم قبراً صغيراً لطفل مقتول في حضن أبيه… ضع نقطة حمراء على شكل نجمة… مددها بحبر أسود على خارطة الوطن العربي. إبدأ، إن شئت، بالشاطئ الشرقي للبحر الأبيض المتوسط.
وقبل دمعتين من هنا. وبعد زخة رصاص، خلفهما… مدّد جسداً على تراب مرتجل، ثم دع متفرجاً مسترخياً، ثمة في مكان ما…يُسبلُ أجفان الولد.
ثم دع متفرجاً مسترخياً آخر، ثمة في مكان ما… ينومه مغناطيسياً.
ثم، في رفق شديد، يسأله عن شكل الحياة!

                     ـ 6 ـ

لكي تنال استحساناً عما ترسم.. اجمع ألوانك وفراشيك، وارمهم في سلة المهملات.
ثم قم بجولة رسام في مدينة سورية… واكتب أفكاراً وتصاميم، لرسوم مقبلة!

                   ـ 7 ـ

“لكن الطفل الرسّام…كانت قد طحنته الأيام !”

بوابة الشرق الاوسط الجديدة 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى