كتاب الموقعنوافذ

الشعر دينٌ بلا أمل !

” الشعر دينٌ بلا أمل… فهو مظلوم أمام كل هذه التفاهة ”

… أن تكون شاعراً ، يعني ، سلفاً ، أنك الكائن الذي أصيب ، على نحو مبكر وغامض … بنقص في توازن العناصر الأولى . أن يكون ما حولك وما فيك ما لم تستطع قبوله ، لكثرة احتمالات أن يكون أفضل ، وأجمل ، وأرحب !!
إن مناضلة الصمت ، ومحاورة العزلة ، واكتشاف الدهشة ، والبحث عن توقٍ ، واستخراج الاشفاق المحبِّ من الخذلان نفسه … هو بعض ما يحاوله الشاعر في الكتابة .
الرغبةُ وهي تصنع مداراً عالياً لمقتضى شهواتها …
السكون في صخب يولِّده خروج الروح من جسدٍ ، ذات كارثة … غيابُ من نحبّ لأننا نحبّهم …
العتبُ الذي تنطوي عليه حروب الحياة اليومية ، وحروب البشر الأبديّة …
العتب على ما ” ينبغي ” والأسف على ما كان …
الألم وهو لا يكفّ عن تزويد النوافذ بكتمان صرخة مَنْ وراءَها ، وحيداً ، دون عطف …
… ذلك كله مما ليس قابلاً للشفاء . ولكن الشعر يجعله حريقاً بارداً ممكناً :
الشعر يُجمّل الذُلَّ المصاحبَ للآلام العظمى . ويدير هواءً في رئة الغريب في وطنه . ويسهم في تمارين التردد ، واليقين ، والأسئلة .
… ولا وهم لدى الشعراء .
ينبغي ألا يكون لديهم وهم .
فهم لا يخترعون النجوم في ليالي البشرية ، بل يضعونها في سطر الطريق إلى من يعشقون .
ولم يخترعوا الأشجار ، بل يتفيأون ويزخرفون ظلالها . ولا جمالَ حزيناً ، ولا حزناً جميلاً في سطورهم …
إلا لأن أخْلَدَ ما يؤرّقهم هو نقص اكتمالهم ، في دورةٍ أقل تطوراً وصمتاً من دورةِ الفراشات في شرانق الحرير .
…………..
لم ألتقِ شاعراً سعيداً . ولم أسمع به !
إذن فلماذا يكتبون ويقرأون … ويثيرون الغبار ويحبهم عدد متزايد من فريقي السعادة والشقاء ؟
الشاعر الألماني ريلكه يحسم المسألة :

( إسأل نفسَك ، في أكثر ساعات ليلك هدوءاً : أينبغي أن أكتبْ؟! ))

… ويكتبون
يكتبون لكي تتمجّد ، على الأرض ، الوحشة .

لكي يكونَ بوسعنا التلمسُ الحيّ لجمال العزلة العميقة … لكائن ناقص !!

يكتبون …

وتنتقل كلماتهم إلى الحناجر الذهبية فتصبح الأغنية الجيدة ، التي فلفلها الشعر بالبرق والبريق ، قادرة أن تفعل شيئاً في حفل … تأبين !
……………

الشعر ؟

لماذا أتحدث عنه الآن ؟

هذه مقطوعة شعر محكي لشاعر لبناني أثارت الرغبة لدي في الحديث عن الشعر :

(( لمّا اللغةْ بتفوت ع تخت الحرب تتنام ،
بيصير يصغّرها الكلام .
وبس تكبر بعينا الدني ، وتضحكلها الأيام …
بتاخد معا كل الحكي … وبتروح تتمشى اللغة ع الشام ))

بوابة الشرق الاوسط الجديدة 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى